يتناول الكتاب جزئية من جزئيات التكوين الجمالي في قبة الصخرة وهي جزئية النقوش والزخارف، من خلال التوصيف للقطع والمفردات الزخرفية وتحليلها، مبينا التغيرات التي طرأت على تلك النقوش والزخارف، في رصد تحليلي لهذه المتغيرات، مشيرا إلى جوهر فلسفة الجمال في الإسلام التي تقوم على التجريد انسجاما مع المفاهيم الفلسفية التي كانت تسود آنذاك حول المطلق والمحدود وكيفية التعبير عنهما.
وقال المؤلف إن خلفية الكتاب الثقافية والحضارية تكمن في كون قبة الصخرة في القدس من أهم الأماكن الدينية التي اتسمت بالقداسة منذ بدء الوجود الحضاري والفكري للأمة العربية، رغم أن المبنى بما هو معمار أو بقعة جغرافية كان موجودا منذ أزمنة أقدم من موجات الأديان التي عمت المنطقة في فترات متتالية.
واشار المؤلف إلى أن القدس مهمة في الوجدان الإنساني كله بشكل عام، وفي الوجدان الإسلامي بشكل خاص، والعربي بشكل أكثر خصوصية والفلسطيني بشكل اكثر خصوصية بحكم علاقة الفلسطينيين بالمكان ويشغل مكانة رفيعة، مع ان اهتمام الدول والشعوب بالمكان كان متفاوتا، بدءا بالتفكير في جعلها عاصمة للدولة كما رأى الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان، ومن قبله من الخلفاء الأمويين، أو بالعمل المتواصل، وخوض معارك ضارية لإعادتها إلى الدولة الحاكمة كما حدث إبان الفترة الأيوبية، والاهتمام بها اهتماما خاصا والعناية بها عناية تشير إلى مكانتها لدى هذه الدولة أو تلك من دولة وممالك الإسلام وما بعده.
يقع الكتاب في خمسة فصول اختص الفصل الأول بالتعرف بالكتاب ومنهجية الكاتب وأهمية الكتاب، مبينا أن أهمية القدس ليس في كونها إسلامية فحسب بل وفي كونها شاهدا حضاريا رفيع المستوى التقت في إنشائه وتكوينه وزخرفته حضارات كثيرة مرت بالمنطقة.
ويتساءل المؤلف عن المعاني والفلسفات التي تكمن خلف كل تلك النقوش المتموضعة على جدران البناء والمفاهيم الدينية وغير الدينية التي تقيم خيطا رفيعا بين هذه النقوش والمعتقدات التي أنشأتها.
وفي الفصل الثاني يعود العلان لربط النقوش والزخارف بالفن عموما فيطرح مقولته عن الفنون ونشأتها ومفاهيم الرموز الحضارية وفلسفتها ويستنطق رموز الكثير من الحضارات محاولا تفسير معانيها والمعتقدات الكامنة خلفها ويستنتج بأنه ما من حضارة تضع نقوشا أو زخارف على جدران شواهدها الحضارية إلا وهي تريد التعبير عن شخصيتها وهويتها الاعتقادية.
في الفصل الثالث يخصص الكاتب صفحات الفصل لدراسة الفن العربي القديم، وهو الفن الذي نشأ في سورية الطبيعية بما فيها العراق واشتهرت بدقة نقوشها خصوصا في الفترات الفارسية  والاغريقية والبيزنطية والرومانية ويبين مدى تأثر الفنون الحضارية المحيطة بالفن العربي القديم، وهو يحيل النقوش العربية الى تلك المنطقة حماية لها من نسبتها لحضارات أخرى بما فيها الحضارة الاسلامية باعتبار أن الإسلام لم ينشئ نقوشا ولم يقدم رموزا فنية في مطلع ظهوره وانما حاول دمج الموروث الحضارات القديمة  وأطلق عليها تسمية “الاسلامية”.
يتناول العلان في الفصل الرابع قبة الصخرة ونقوشها موردا رأيه في تاريخ البناء نافيا بقوة أن يكون البناء أمويا أو حتى إسلاميا وإنما هو بناء قبل إسلامي ويقدم الأدلة على ذلك، ثم يحلل نقوش القبة من الداخل ويعيدها إلى الحضارات التي وضعتها هناك ويرينا النقوش الفارسية والبيزنطية والاغريقية على جدران المكان.
أ