مقدمة في التسويق الرقمي

في عصرٍ تحكمه السرعة وتُحرّكه التقنية وتُعزّزه البيانات، أصبح التسويق الرقمي ليس مجرد خيار تكميلي في عالم الأعمال، بل هو الركيزة المحورية التي تُبنى عليها استراتيجيات النمو والانتشار والتفاعل مع المستهلكين. إن العالم يشهد تحوّلاً جذريًا في طريقة تفكير المسوّقين، وتوجّه الشركات، وسلوك الأفراد، حيث لم تعد القنوات التقليدية قادرة وحدها على تحقيق التأثير المنشود في بيئة رقمية ديناميكية ومتشابكة.

تشير الإحصاءات الحديثة إلى أن عدد مستخدمي الإنترنت في العالم بلغ مع بداية عام 2024 أكثر من 5.35 مليار مستخدم، أي ما يعادل نحو66.2% من سكان العالم، في حين تجاوز عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي 5.04 مليار مستخدم نشط، مما يعكس حجم السوق الرقمي الهائل وأهمية التواجد الفعّال داخله. وقد بلغ حجم الإنفاق العالمي على التسويق الرقمي أكثر من 442 مليار دولار في عام 2024، مع توقعات بتخطيه حاجز النصف تريليون دولار خلال عام 2026، مما يعكس تزايد اعتماد الشركات على هذا النمط من التسويق لضمان البقاء والتميّز.

لقد بات من المسلّم به أن الشركة التيتعجز عن صياغة استراتيجية تسويق رقمي متكاملة وقادرة على التفاعل مع السوق العالمي المتصل عبر الإنترنت، محكوم عليها بالتراجع، بل وربما بالخروج من المشهد التنافسي. ومن هنا، تبرز الحاجة الملحة إلى كوادر بشرية متخصصة تمتلك المعرفة الرقمية الحديثة، وتُجيد استخدام أدوات التسويق الذكية، وتفهم سيكولوجية المستهلك الرقمي، وتواكب الاتجاهات العالمية في هذا المجال المتسارع.