د.ا14,19 د.ا7,10

& Advanced Shipping

تشكل هذا الموضوع من مدخل وفصول ثلاثة ، فجعلت الحديث عن موقع النص القرآني في كتابات المستشرقين مدخلا، وفيه محوران : بدأتهما بعرض نظرة فريقين من المستشرقين للنص القرآني ، فهو عند هؤلاء نص بشري و تراث إنساني ، و على هذا الأساس يجب أن يعامل و يحلل ؛ و هو عند أولئك نص إلهي مقدس كغيره من الكتب السماوية، إن لم يكن أفضلها  وأغناها، ثم ختمتهما بانعكاس الفكر الاستشراقي على الفكر العربي ، نتيجة التواصل العربي الأوروبي منذ عصر النهضة العربية .

و قد عنونت الفصل الأول البنية المعمارية للنص القرآني عند المستشرقين ، ويدخل في  هذا الإطار التقسيمات التي اعتمدوها ، سواء منها الزمنية عن طريق اعتماد العهود على النمط التوراتي  الإنجيلي ، أو الشكلية مثل البنية الكلية و البنية الجزئية للقرآن الكريم ، و مسألة الأصيل  و الدخيل في النص القرآني، والاتهامات التي نتجت عن نظرية الدخيل خاصة ما تعلّق منها  بالألفاظ، لجعل القرآن مجرّد نسخة عربية من الكتب السماوية الأخرى .

أما الثاني فخصصته للبنية الموضوعاتية ، واكتفيت فيه بموضوعات أربع رأيت أنّها نالت حظا كبيرا لدى المستشرقين ، لحساسيتها و أهميتها عند المسلمين . ففكرة الوحي التي تعيد القرآن إلى مصدره الإلهي ، هي عند بعضهم  مجرد علامة على عبقرية النبي ÷، و الدعوة في مكة تختلف عن الدعوة في المدينة ، مما يعني – عندهم – أن الدعوة تتحول من عهد إلى آخر ، و التشريع الإسلامي ما هو إلا قوانين استقاها المسلمون من مصادر خارجية، أما الجهاد أو ما يسمونه الحرب المقدسة ، فهي العدوان و الإكراه و التسلط . إنّها موضوعات إذن  من الأهمية بمكان ، بحيث تبدو بقية الموضوعات ظلالا من ظلالها .

وفي البنية الأسلوبية  عنوان الفصل الثالث ، اقتصرت أيضا على أربعة عناصر مهمة هي : معلم  الصورة الفنية ، و معلم القصة ، و المعلم الإيقاعي، و معلم التصريح و المتشابه  . و ركزت على التخبط الذي وقع فيه أغلب المستشرقين في هذا المجال الذي يتطلب معرفة خاصة باللغة العربية ، و بالبلاغة العربية ؛ مما نتج عنه لجوؤهم إلى الأحكام الانطباعية البعيدة عن روح البحث النزيه ، و عن الذوق العربي لأن القرآن نص عربي .

Guaranteed Safe Checkout

  في هذا الإطار  اخترت  هذا الموضوع : (المستشرقون وبنية النص القرآني) و هو دراسة في رؤية المستشرقين لثلاث بنى أساسية في النص القرآني لفتت انتباه المستشرقين، و هي  معماره  وموضوعاته وأسلوبه. ورأيت أن أتناوله عند عدد من المستشرقين ، بدلا من اختيار مستشرق  نموذجا ؛ فهذه البنى إنما  تتّضح  من خلال آراء مختلفة ، و لمستشرقين تباعدت بهم الأماكن ، والاختصاصات ، و ربما طرق التفكير أيضا . فالبحث يهدف، إلى تقصي هذه الآراء المختلفة ، و نقدها ، للوصول بالقارئ إلى رؤية نرجو أن تكون علمية  موضوعية .

والملاحظ  أن المستشرقين يربطون  بين الإسلام بوصفه دينا ينظرون إليه من زاوية رافضة في الغالب ، وبين النص القرآني المبني على لغة عربية معروفة ببيانها وانزياحاتها و غنى دلالاتها .و في هذا الإطار نلمس إسقاطا واضحا من لدن المستشرقين ، أي إسقاط موقفهم من الإسلام كدين ، على موقفهم من النص وأدبيته وخصوصياته، وهذا شيء  مثير للانتباه ، رغم اعترافنا بالتفاوت بين المستشرقين أنفسهم في طبيعة هذا الإسقاط . وإني لأميل إلى قول القائلين بوجود فئة منصفة  و أخرى متحاملة ، فيما يخص النظر إلى الإسلام و القرآن و ما يتعلق بهما ؛ وهو يعني عدم فصل المستشرقين  في أدبية القرآن ، و عدم وصولهم إلى نتائج واحدة أو متقاربة ، حتى يدفعنا هذا إلى إعادة النظر في مواقفنا تجاهها . بل إن الأمر ليكشف عن أن قراءات هؤلاء في أغلبها ، لم تبلغ المرحلة التي تستجيب فيها إلى البحث النزيه و المتجرّد من كلِّ خلفية مسبقة .  

  وقد انطلقت من  أعمال المستشرقين  ، مثل أعمال  بلاشير و جولدزيهر ويوسف شاخت وجاك بيرك  وغيرهم، وهي التي نفترض أنّها كوّنت في مجملها نظرة خاصة لهذا النص، بنيت على خلفيات عقائدية و تاريخية وربّما سياسية أيضا . وكان من نتائج ذلك خروجها بهذا النص عن حقيقته، و تخريجها له بالشكل الذي لا يتفق وخصوصيات اللغة التي نزلت به ، و لا المحيط الذي شمله في مراحله الأولى . وصحيح أنه مهما قلنا عن معرفة المستشرقين للغة التي  يدرسونها ، فإنها معرفة لا ترقى –  في أغلب الأحيان – إلى المستوى الذي يخول للمستشرق الخوض  فيه ؛ فلغة الغربي يحكمها فكر يصعب تكييفه و عقلية الشرق ، أو هكذا يُفهم من كتاباتهم على الأقل .

و الملاحظ هو أن  أغلب الدراسات العربية التي تناولت الاستشراق، ركّزت على جوانبه التاريخية ، أو من مواقفه من الإسلام ، و نحن واجدون في هذا المجال عددا كبيرا من الكتب و الدراسات ، وصف أغلبها بالافتقار إلى المناهج العلمية الأكاديمية ، لأنها تصب في مجال الدفاع عن الإسلام ضد الحملات الغربية  بعاطفية ملحوظة، و باندفاعية تتجاهل أحيانا الأمانة العلمية ، و إذا كان من الصعب فعلا الانفلات من العاطفة والاندفاعية ، فإن المأمول من هذا البحث أن يكون لبنة متواضعة في صرح أكاديمي كبير .

و يطرح هذا البحث بعض التساؤلات الهامة منها :  إلى أي مدى تمكن المستشرقون من رصد معالم النص القرآني، في أبعاده المختلفة : المعمارية و الموضوعية و الفنيّة ؟ وما مدى كفاية النتائج المتوصل إليها في هذا المجال ؟ وهل بنيت أعمالهم  على مفاهيم من شأنها الإحاطة ببناء النص القرآني ؟ و هل الأدوات المستخدمة  كالإحصاء والتصنيف والنمذجة التي يوظفها المستشرق لخدمة أهدافه و توجّهاته تكفل الوصول إلى هذا الهدف ؟ ثم ، هل توجه المستشرقين إلى القارئ الأوروبي بالدرجة الأولى سعي وراء كشف الحقائق ، كما يقتضيها المنهج العلمي ، أم أنه توجيه له نحو ما يراد له أن يعرف ؟

وللوصول إلى حل لهذه الإشكالية ، لا بد من الانطلاق أولا  من أعمال المستشرق نفسه لا من نظرتنا عنه ، و لابدّ من تفحص الأقوال و الآراء، ومراعاة ظروفها و خلفياتها ، فنكون إما متقبلين لها أو رافضين لكن بعد تمحيص . و أرى أن الاستعانة  بنظرتنا الإسلامية ، مجسّدة في ما توصل إليه باحثونا الأجلاء  ضرورية ، دون التعصب لها  .

وتجدر الإشارة هنا إلى أن المنهج الوصفي هو المعتمد في هذه الدراسة، للوصول إلى تصور و رؤيا واضحين . ويقتضي هذا المنهج أدوات إجرائية توصل إلى النتائج المرجوّة ، من ذلك مثلا المقارنة التي أرى أن لا مناص منها لتقويم عمل المستشرق أو إثرائه . وهي مقارنة تجرى أحيانا بين أعمال المستشرقين أنفسهم ، وأحيانا أخرى بين أعمالهم و أعمال الدارسين العرب و المسلمين ، باعتبارها الأساس في الدراسات القرآنية ، والأقرب إلى لمس الحقيقة الإسلامية. و قراءة القراءة  ضرورية أيضا ، إذ لا يمكن أن تكون قراءة المستشرق نهائية أو حاسمة ، مهما ادّعى معرفة وخبرة بمناهج البحث وطرق التفكير .

وقد تشكل هذا الموضوع من مدخل وفصول ثلاثة ، فجعلت الحديث عن موقع النص القرآني في كتابات المستشرقين مدخلا، وفيه محوران : بدأتهما بعرض نظرة فريقين من المستشرقين للنص القرآني ، فهو عند هؤلاء نص بشري و تراث إنساني ، و على هذا الأساس يجب أن يعامل و يحلل ؛ و هو عند أولئك نص إلهي مقدس كغيره من الكتب السماوية، إن لم يكن أفضلها  وأغناها، ثم ختمتهما بانعكاس الفكر الاستشراقي على الفكر العربي ، نتيجة التواصل العربي الأوروبي منذ عصر النهضة العربية .

و قد عنونت الفصل الأول البنية المعمارية للنص القرآني عند المستشرقين ، ويدخل في  هذا الإطار التقسيمات التي اعتمدوها ، سواء منها الزمنية عن طريق اعتماد العهود على النمط التوراتي  الإنجيلي ، أو الشكلية مثل البنية الكلية و البنية الجزئية للقرآن الكريم ، و مسألة الأصيل  و الدخيل في النص القرآني، والاتهامات التي نتجت عن نظرية الدخيل خاصة ما تعلّق منها  بالألفاظ، لجعل القرآن مجرّد نسخة عربية من الكتب السماوية الأخرى .

أما الثاني فخصصته للبنية الموضوعاتية ، واكتفيت فيه بموضوعات أربع رأيت أنّها نالت حظا كبيرا لدى المستشرقين ، لحساسيتها و أهميتها عند المسلمين . ففكرة الوحي التي تعيد القرآن إلى مصدره الإلهي ، هي عند بعضهم  مجرد علامة على عبقرية النبي ÷، و الدعوة في مكة تختلف عن الدعوة في المدينة ، مما يعني – عندهم – أن الدعوة تتحول من عهد إلى آخر ، و التشريع الإسلامي ما هو إلا قوانين استقاها المسلمون من مصادر خارجية، أما الجهاد أو ما يسمونه الحرب المقدسة ، فهي العدوان و الإكراه و التسلط . إنّها موضوعات إذن  من الأهمية بمكان ، بحيث تبدو بقية الموضوعات ظلالا من ظلالها .

وفي البنية الأسلوبية  عنوان الفصل الثالث ، اقتصرت أيضا على أربعة عناصر مهمة هي : معلم  الصورة الفنية ، و معلم القصة ، و المعلم الإيقاعي، و معلم التصريح و المتشابه  . و ركزت على التخبط الذي وقع فيه أغلب المستشرقين في هذا المجال الذي يتطلب معرفة خاصة باللغة العربية ، و بالبلاغة العربية ؛ مما نتج عنه لجوؤهم إلى الأحكام الانطباعية البعيدة عن روح البحث النزيه ، و عن الذوق العربي لأن القرآن نص عربي .

الوزن 0,72 كيلوجرام
الأبعاد 17 × 24 سنتيميتر

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يقيم “المستشرقون وبنية النص القرآني”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سلة المشتريات
المستشرقون وبنية النص القرآني
د.ا14,19 د.ا7,10
Scroll to Top