خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان ، وخلق فيه صفات وسمات تميزه عن سائر المخلوقات الموجودة على سطح الأرض . ومع ذلك تظل قدرات الإنسان الجسدية والعقلية محدودة ، وغير مؤهلة لأن تحقق له كل ما يطمح إليه من رغبات واحتياجات ، ومن أجل ذلك كان لزاما عليه أن يتعاون مع الآخرين ، وبتعاون الآخرون معه من أجل تحقيق الأهـداف المشتركة . وهذه الرغبة لتحقيق الأهداف والرغبـات من خلال التعاون والعمل الكفء ليست مقصورة فقط على الإنسان الفرد ، لكنها أيضاً تمتد إلى المجموعات في أي مجتمع كان . وحين ينتظم عقد مجموعة من الأفراد من أجل تحقيق هدف معين فإنه يصبح من الضروري عندئذ أن تكون هناك إدارة تعمل على تهيئة الظروف ، وتنظم الجهود من أجل الوصول إلى الأهداف المشتركة المطلوبة ، وهذه الجهود تتمثل في قيام المعلم بدوره التربوي المهني في تنسيق الأنشطة الصفية وغير الصفية المختلفة لمجموعة الطلاب ، من خلال ممارسة استراتيجية التعلم التعاوني داخل هذه المجموعات ، وقـد استخدم كل مجتمع إنساني المجموعات لتحقيق أهدافـه
ويؤكد العديد من مفكري ورواد التربية والتعليم والإدارة على أهمية التعلم التعاوني من قبل المعلمين في معظم بلدان العالم المتقدمة وأنه مفهوم يعتمد على استراتيجية تستهدف تطوير العمل التربوي من خلال تحسين أداء المعلم المهني والقيادي ، حيث بدأ مع طلائع القرن التاسع عشر الميلادي التركيز على مفهوم التعلم التعاوني نظريّاً وتطبيقيّاً وبيان أثره على الارتقاء ببرامج النمو المهني للمعلمين ، بالإضافة إلى محاولة ترسيخ اقتناع المعلمين بأهمية ممارسة التعلم التعاوني كمدخل في تطوير أسلوب إدارة الفصل
فقـد قـدم جونسـون وآخـرون ( 1995م ، ص 1-6 ) مدخلاً جديداً في التربية عن مفهوم التعلم التعاوني ، حيث يعمل الطـلاب معا في مجموعات صغيرة ، لإنجاز أهداف مشتركة ، إذ يقسم الطلاب إلى مجموعات مكونة من ( 2-5 ) أعضاء ، وبعد أن يتلقوا تعليمات من المعلم ، ثم يأخذون في الاشتغال بالعمل حتى ينجزه جميع أعضاء المجموعة بنجاح
ووفقاً لاستراتيجية جونسون وزملائه عن التعلم التعاوني ، فإن العمل التعاوني ، بالمقارنة مع العمل التنافسي والعمل الفردي ، يؤدي إلى زيادة التحصيل والإنتاجية في أداء الطلاب ، والتأكيد على العلاقات الإيجابية بينهم ، وتحسن الصحة النفسية وتقدير الذات ، وأشار حجي ( 2000م ، ص 90 ) أنه يخدم التلاميذ كمصادر لتعلم بعضهم من بعض ويرجع ذلك إلى أن أداء أعضاء المجموعة أفراداً يعتمد على الأعضاء الآخرين للمجموعة ، ولذلك فإن الاعتماد المتداخل الإيجابي يزداد بين أعضائها
من هنا يكتسب هذا الكتاب أهميته ، لكونه يسعى إلى تأصيل مفهوم التعلم التعاوني كمدخل جديد في تطوير إدارة الفصل ، مـن حيث تحديـد الأساليب والمعايير التي يرتكز عليها ، ثم يسعى بعد ذلك للتعرف على حدود الدور الذي يمكن أن يلعبه هذا النوع من التعلم التعاوني في تطوير الممارسة التربوية بصفة عامة ، من خلال تطوير أداء المعلم في إدارة الفصل
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.