د.ا10,64 د.ا5,32

& Advanced Shipping

مما لا شك فيه أن القيادات السياسية لعبت دورا هاما في توجيه المسيرة التاريخية، خاصة حين كان القائد يتربع على عرش دولة عظمى أو إمبراطورية من الإمبراطوريات التي سيطرت على مناطق عدة وشعوب متعددة عبر التاريخ. لكن ذلك الدور كان محكوما دوما لعوامل كثيرة، بعضها داخلي والبعض الآخر خارجي، مما حرم قيادات الماضي والحاضر على السواء من حرية التصرف واتخاذ القرارات على هواها. رغم ذلك، لا بد من التأكيد على أن قائد الزمن القديم كان يتمتع بحرية أكبر من قائد الحاضر في اتخاذ قرارات الحرب والسلم، ولكنه كان أقل مقدرة من قائد الزمن الحديث على تنفيذ خططه بسبب محدودة إمكانياته العسكرية وضعف أجهزة الدولة التي كان يجلس على قمتها. من ناحية أخرى، يملك قائد كل دولة نامية  تعيش في الحاضر حرية أكبر بكثير من قائد أية دولة صناعية ديمقراطية لاتخاذ ما يراه من قرارات مصيرية. إضافة إلى ذلك، لا بد من الإشارة أيضا إلى أن التاريخ يُكتب عادة بعد وقوع الحدث بسنوات وأحيانا بعقود أو قرون، وأنه يكتب غالبا في غياب المعلومات الدقيقة التي تصف الحدث بالتفصيل وتحدد دور القائد في صنعه، كما وأن معظم كتب التاريخ كتبت من وجهة نظر القائد المنتصر محاولة تبرير جرائمه وتأكيد إدعاءاته، وتحميل المهزوم مسؤولية ما حدث من أخطاء وكوارث. في ضوء ذلك، وجب علينا أن نتوخى الحذر في تصديق ما تصلنا من معلومات عما حدث في الماضي، وما تقوله كتب التاريخ عن أسباب الحدث، وعن النتائج التي ترتبت عليه، وهذا يجعل من الصعب الاستفادة من الدروس والعبر التاريخية بالقدر المطلوب.

Guaranteed Safe Checkout

مما لا شك فيه أن القيادات السياسية لعبت دورا هاما في توجيه المسيرة التاريخية، خاصة حين كان القائد يتربع على عرش دولة عظمى أو إمبراطورية من الإمبراطوريات التي سيطرت على مناطق عدة وشعوب متعددة عبر التاريخ. لكن ذلك الدور كان محكوما دوما لعوامل كثيرة، بعضها داخلي والبعض الآخر خارجي، مما حرم قيادات الماضي والحاضر على السواء من حرية التصرف واتخاذ القرارات على هواها. رغم ذلك، لا بد من التأكيد على أن قائد الزمن القديم كان يتمتع بحرية أكبر من قائد الحاضر في اتخاذ قرارات الحرب والسلم، ولكنه كان أقل مقدرة من قائد الزمن الحديث على تنفيذ خططه بسبب محدودة إمكانياته العسكرية وضعف أجهزة الدولة التي كان يجلس على قمتها. من ناحية أخرى، يملك قائد كل دولة نامية  تعيش في الحاضر حرية أكبر بكثير من قائد أية دولة صناعية ديمقراطية لاتخاذ ما يراه من قرارات مصيرية. إضافة إلى ذلك، لا بد من الإشارة أيضا إلى أن التاريخ يُكتب عادة بعد وقوع الحدث بسنوات وأحيانا بعقود أو قرون، وأنه يكتب غالبا في غياب المعلومات الدقيقة التي تصف الحدث بالتفصيل وتحدد دور القائد في صنعه، كما وأن معظم كتب التاريخ كتبت من وجهة نظر القائد المنتصر محاولة تبرير جرائمه وتأكيد إدعاءاته، وتحميل المهزوم مسؤولية ما حدث من أخطاء وكوارث. في ضوء ذلك، وجب علينا أن نتوخى الحذر في تصديق ما تصلنا من معلومات عما حدث في الماضي، وما تقوله كتب التاريخ عن أسباب الحدث، وعن النتائج التي ترتبت عليه، وهذا يجعل من الصعب الاستفادة من الدروس والعبر التاريخية بالقدر المطلوب.

من ناحية أخرى، ليس بإمكان أي مؤرخ مهما توخى من الحذر والحيادية والأمانة العلمية أن يكتب تاريخا يعبر فعلا عما حدث في الماضي البعيد بدقة، ويحدد لماذا وقع ذلك الحدث وما هي النتائج التي ترتبت عليه. إن قلة السجلات القديمة وعدم حيادية معظمها، وانتشار الأمية بين الناس، وضعف الوعي بأهمية التأريخ، وتباعد الأزمنة جعل من المستحيل التأكد من دقة أي كتاب، وذلك بغض النظر عن الفترة التاريخية التي حاول الكتاب تحليل أحداثها، والكفاءة العلمية التي تمتع بها مؤلفه. فعلى سبيل المثال، بالرغم من صدور عشرات الكتب عن حرب أمريكا على العراق، وقيام العديد من القنوات الفضائية ووكالات الأنباء العالمية ومئات المراسلين بتغطية الغزو الأمريكي- البريطاني الذي وقع في عام 2003 ساعة بساعة، لا يزال من الصعب علينا التعرف على أسباب الغزو الحقيقة، ومن الأصعب تحديد الطريقة التي تم من خلالها اتخذ القرار الخاص بالغزو، ومن المحير معرفة سبب وحجم الأخطاء التي ارتكبت في عملية إدارة الحرب بعد الاحتلال. لذلك، يقول العديد من المؤرخين أن أقصى ما يمكن أن نعرفه عن الماضي وعن أحداثه الهامة هو التعرف على روح العصر الذي شهد وقوع الأحداث المعنية، وتحديد العوامل والقوى التي ساهمت في تغيير مجرى التاريخ في حينه.

إضافة إلى ذلك لا بد من الإشارة إلى أن الخبرة والتجربة مهما كان مجالها تكون عادة محدودة بحدود الموضوع والمكان والزمان، مما يجعل ما صلح للماضي من خبرات وتجارب في ظل ظروف معينة قد لا يكون صالحا للحاضر أو للمستقبل في ظل ظروف حياتية مختلفة. وعلى سبيل المثال، تعتبر التجربة والخبرة هي كل ما يحتاج إليه قائد يعيش ويمارس دوره القيادي في مجتمع تقليدي للتعامل بكفاءة مع ما يواجه مجتمعه عادة من تحديات حياتية. ويعود السبب في ذلك إلى ميل كل المجتمعات التقليدية كالمجتمعات القبلية والزراعية إلى التغير ببطء شديد عبر الزمن، وإلى البقاء أحيانا دون تغير يذكر لعقود أو قرون قد تطول. أما في المجتمعات سريعة التغير والتطور مثل المجتمعات الصناعية والمعرفية الغربية، فإن الخبرة والتجربة تفقد الكثير من صلاحيتها بسرعة، وذلك بسبب تغير الظروف الموضوعية وتطور طرق التفكير وتقادم المعلومات وتبدل معطيات البيئة بعناصرها الطبيعية والتكنولوجية والاجتماعية. وهذا يجعل الاعتماد على الخبرة والتجربة وحدها مخاطرة غير محسوبة العواقب، قد تكون مضارها أكثر بكثير من فوائدها، مما يستدعي الحظر في تقييم أهمية الخبرة والتجربة التاريخية، وتجنب استخدامها حين لا تكون ظروف الواقع التي يراد الاستعانة بها لمواجهة تحدياته شبيهة بظروف نشأتها.

إن هذه الدراسة المتواضعة لا تسعى لتحليل تاريخ معين، ولا لنقد عملية التأريخ القديمة أو الحديثة، بل ستحاول إعطاء القارئ فكرة عن دور القائد في صنع التاريخ، وعن نوعية القيادات التي هيمنت ولا تزال تهيمن على حياة مختلف الشعوب، ومن أجل محاولة الإجابة على السؤال الهام المتعلق بدور “القائد التاريخي”، وعما إذا كان لذلك القائد من مستقبل في المستقبل. 

الوزن 0,85 كيلوجرام
الأبعاد 17 × 24 سنتيميتر

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يقيم “القيادة وصنع التاريخ”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سلة المشتريات
القيادة وصنع التاريخ
د.ا10,64 د.ا5,32
Scroll to Top