فإنّ الولوج إلى عالم ابن الرومي يُعدّ مجازفة ومكابدة، فالمجازفة تكمن في الدخول إلى حقل أثراه الدارسون الكبار بقراءات متنوعة؛ مما يعني أن غرس شجرة جديدة بحاجة إلى إعادة قلب التربة، واختيار بذرة مختلفة ومناسبة، والمكابدة تكمن في عناء السفر في شعر ابن الرومي، فمسلكه طويل شاق على الرغم من المتعة والجمال الذي قد يطفئ وحشة الرحلة، ويخفف وعثاء السفر.
ورحلتي مع ابن الرومي ليست جديدة، إذ سبق لي أن أبحرت في ديوانه قارئا وباحثا، وكنت إذ ذاك أشعر بذائقة إيقاعية وجمالية خصبة تشدّني إلى مزيد القراءة والبحث.. وأما الآن فقد عدت إلى ابن الرومي باحثًا، وفي ذهني مجموعة من المحطات اللافتة في شعره، فقرأت ديوانه باحثا ومنقبا، ووقفت على ظاهرة تكاد تغلف شعره وتؤطره، فما يكاد يخرج منها في قصيدة إلا ويدخل إليها من باب آخر في قصيدة أخرى ، ألا وهي ظاهرة الدهر في شعره.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.