يعرَّف مركز مصادر التعلم بأنه عبارة عن نظام متكامل أو تصميم معين لبيئة تعليمية متكاملة تتبع مؤسسة تعليمية (المدرسة)، ويسعى إلى تحقيق أهدافها من خلال القيام بمجموعة من الوظائف والعمليات والأنشطة، وتقديم سلسلة من الخدمات المكتبية والمعلوماتية التي تخدم المتعلم أولاً والمعلم ثانياً، وذلك عن طريق توفير مجموعة جيدة وغنية من مصادر التعلم والمعلومات بكافة أشكالها، ودمجها مع كل ما قدمته التكنولوجيا من مواد ووسائل وأجهزة وتقنيات متطورة من أجل تطوير العملية التعليمية والتعلمية.
وعلى الرغم من الدور المهم الذي لعبته المكتبات المدرسية بأنواعها المختلفة وعبر تاريخها الطويل في دعم العملية التربوية بشكل عام والمناهج المدرسية بشكل خاص، إلا أنها اعتمدت ولفترة طويلة جداً، على الأوعية التقليدية للتعلم والمعلومات وبخاصة الكتب وغيرها من المطبوعات. وكانت محاولات تطويرها وإخراجها من هذا الإطار تواجه بكثير من الصعوبات الإدارية والمالية التي تواجه المؤسسة التربوية. وحتى عندما نمت المكتبة المدرسية فإن نموها كان تراكمياً وليس تكاملياً ولم تلعب دوراً إيجابياً في إدخال المصادر والنظم والتكنولوجيا التربوية الحديثة، مما حال دون استخدامها من قبل الطلبة والمعلمين. كذلك فقد أغفلت المكتبة المدرسية في صورتها التقليدية أهم عنصر في العملية التعليمية وهو المتعلم.
وقد تطورت العملية التربوية في الفترة الأخيرة وظهرت أفكار ونظريات وأساليب حديثة في مجال التعليم والتعلم، تؤكد على أن أفضل أنواع التعليم هو الذي يتم عن طريق الخبرة وخلق الرغبة والدافعية لدى المتعلم في البحث عن المعلومات بنفسه ومن مصادرها المتعددة. وكان على المكتبة المدرسية أن تتطور لتواكب هذه التطورات والنظريات التربوية الحديثة وهذه التكنولوجيا التي دخلت المؤسسة التربوية بسرعة وقوة، فظهرت فكرة تطوير المكتبات المدرسية إلى مراكز مصادر التعلم.
ويجب أن نعرف أن فكرة مراكز مصادر التعلم على الرغم من حداثتها، فهي وليدة القرن العشرين، إلا أن جذورها أقدم من ذلك بكثير، ذلك أن التطورات التربوية والتكنولوجية المتلاحقة والمتسارعة في القرن العشرين، والمشكلات العديدة التي بدأت تواجه العملية التعليمية والتعلمية أدت إلى ظهور أطراف عدة تنادي بضرورة إنشاء مراكز مصادر التعلم لتواكب هذه التطورات والارتقاء بعملية التعليم وتحسينها من أجل خلق متعلم فاعل قادر على مواجهة المواقف والمشكلات المختلفة وإيجاد الحلول المناسبة لها بطرق عملية صحيحة تعتمد على مصادر جديدة ومتعددة للمعلومات. ولا بد من الاعتراف هنا بأن المكتبيين والتربويين قد نادوا معاً بضرورة إنشاء وتطوير مراكز مصادر التعلم.
يتناول هذا الكتاب موضوع مراكز مصادر التعلم من بعدين رئيسيين: البعد العام والبعد الإداري، ويضم الكتاب سبعة فصول تغطي موضوع مراكز مصادر التعلم من كافة جوانبه النظرية والإدارية على النحو التالي:
– الفصل الأول: مراكز مصادر التعلم: نظرة شاملة.
– الفصل الثاني: تكنولوجيا التعليم وتكنولوجيا التربية.
– الفصل الثالث: تصنيفات الوسائل التعليمية ووسائل الاتصال (مصادر التعلم).
– الفصل الرابع: التخطيط لمراكز مصادر التعلم.
– الفصل الخامس: مصادر المعلومات في مراكز مصادر التعلم.
– الفصل السادس: تنظيم مراكز مصادر التعلم.
– الفصل السابع: التوظيف في مراكز مصادر التعلم.
– الفصل الثامن: تدريب العاملين في مراكز مصادر التعلم أثناء الخدمة وتقييم أدائهم.
– الفصل التاسع: العلاقات العامة في مراكز مصادر التعلم.
– الفصل العاشر: نموذج لمركز مصادر التعلم.
أرجو أن أكون قد وفقني الله في تقديم كتاب جديد للمكتبة العربية بشكل عام وفي مجال المكتبات ومراكز مصادر التعلم بشكل خاص، وأن يسد هذا الكتاب ثغرة موجودة فعلاً في المكتبة العربية بشكل عام وفي المكتبة التربوية بشكل خاص.
والله الموفق
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.