لقد شهدت العلوم الاقتصادية والإدارية والمالية تطوراً كبيراً في السنوات القليلة الماضية ويرجع ذلك إلى التطور والتقدم التكنولوجي الهائل، واستخدام الحاسوب في حل المشاكل الاقتصادية والإدارية والمالية، فقد أصبح التحليل الكمي هو السمة الغالبة على كافة البحوث في هذه العلوم في دول العالم المتقدم، وقد نكون غير مبالغين إذا قلنا أنه قلما تجد مقالاً أو بحثاً منشوراً في المجالات العلمية العالمية المتخصصة يخلو من استخدام أساليب التحليل الكمي

بل أن أساليب التحليل الكمي التي تستخدم في التحليلات الاقتصادية والإدارية والمالية قد تطورت تطوراً كبيراً خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أن اعتماد الباحثين في العالم العربي على استخدام أساليب التحليل الكمي في هذه العلوم ما زال محدوداً، مما جعل معظم الأبحاث تتصف بالوصفية والبعد عن الجوانب التطبيقية والتحليلات الكمية

وحيث أن معظم المتغيرات الاقتصادية والإدارية والمالية هي متغيرات كمية تربط فيما بينها علاقات دالية، فقد أصبح استخدام الأساليب الكمية ضرورة لا غنى عنها إذا ما أردنا التعبير عن هذه العلاقات بدقة ووضوح

وهذا الكتاب لا يتناول فقط مجرد مبادئ التحليل الكمي وإنما يتعمق في تحليل الأساليب والموضوعات ليعطي للقارئ فهماً حقيقياً للأساليب الرياضية الكمية، كما يعطي العديد من التطبيقات لكل من هذه الأساليب في المجالات المختلفة للعلوم الاقتصادية والإدارية والمالية

ويتمثل الهدف الأساس لهذا الكتاب في تزويد القارئ والدارس بالمعالجة الكمية الحديثة للعديد من هؤلاء الطلاب الذين لديهم معرفة متواضعة بالأساليب الجدية والرياضية، كما أن الاستخدام المضطرد للأساليب الكمية في مجال التطبيقات الاقتصادية والإدارية والمالية والمحاسبية قد وفّر الكثير من الوقت والجهد على متخذي القرارات، وساعدهم في ذات الوقت على الحصول على نتائج تتسم بقدر كبير من الدقة

وتؤثر أساليب التحليل الكمي بشكل مضطرد في حياتنا اليومية، كما أنه يمكن استخدامها في جميع المشاكل بغض النظر عن كونها كمية أو وصفية، ولقد ظهر هذا الاهتمام المتزايد باستخدام أساليب التحليل الكمي منذ أن أصبحت جائزة نوبل تمنح لبعض الباحثين في هذا المجال، فلقد حصل كل من Koopmans & Kantorvich على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1975 بعد الإضافة العلمية الكبيرة التي قدماها باستخدام أساليب البرمجة الخطية في بعض المشاكل الاقتصادية والإدارية المعقدة