مَرَّ موضوع ادارة الموارد البشرية بعدة تطورات خلال القرن الماضي، فكانت كل مرحلة تركز على جانب أو أكثر من هذا الموضوع حتى تبلورت خلال العقدين السابقين برؤية أوسع وصار اطارها ومكوناتها تضم مفردات ومفاهيم أوسع وأشمل وأصبح تأثيرها أكبر في مسار منظمات الأعمال. وقد أخذت إدارة المورد البشري حيزاً أكبر وأكثر شمولاً، ولم تَعُدْ تلك الإدارة التقليدية التي عهدناها والتي تتضمن مهام أولية روتينية اعتادت عليها منظمات الاعمال كالتعيين وإجراءات مسار الوظيفة الأخرى انتهاءً في التقاعد أو الاستقالة وغيرها….. وتفاعلت إدارة الموارد البشرية وتداخلت مع بقية حقول المعرفة العلمية الادارية والسلوكية والاجتماعية والاقتصادية والعلوم الاخرى. وقد حظيت إدارة الموارد البشرية باهتمام كبير عى مختلف الاصعدة كمنظمات الاعمال والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والكتاب والباحثين، نظراً لما تحمله من تأثير كبير وفاعل على انشطة مختلف أنواع المنظمات وتشكل عامل نجاح لزيادة الفاعلية والكفاءة والتطور لا على مستوى المنظمة فحسب وانما على مستوى القوى العاملة فيها. وتُعدْ إدارة الموارد البشرية واحدة من أهم الإدارات الوظيفية وأكثرها حساسية كونها تتعامل مع أهم عنصر من عناصر الانتاج والاكثر عرضة للمتغيرات البيئية فإدارة الموارد البشرية تتعامل تخطيطياً وتنظيمياً وتوجيهاً ورقابة مع الفرد، كون هذا الفرد هو الذي يتعامل ويتفاعل مع مختلف جوانب ومجريات الاعمال في المنظمة ويشكل الافراد إذا ما أُحسِنتْ إدارتهم عاملاً مؤثراً في نجاح المنظمة وتحقيق مزايا تنافسية من خلالهم، لذلك فإن التوجهات الاستراتيجية المؤدية الى تحقيق المزايا التنافسية تذهب باتجاهين:

الأول: النظر الى هذه الادارة من جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والسلوكية والتربوية، والثاني: نظرة التكامل بين اشباع حاجات العاملين وحاجات الزبائن وحاجات المجتمع، بمعنى التكامل بين الفاعلية التنظيمية وإدارة المورد البشري ويتم ذلك من خلال الاستراتيجيات الفاعلة للموارد البشرية. 8 دارة لموارد لبشرية
واعتماداً على ذلك فإن موضوع إدارة الموارد البشرية موضوعا يستحق الدراسة والبحث والتحليل كونه يمثل مفصلاً مهماً ومؤثراً في حياة منظمة الأعال لاتصاله بالعلوم الادارية بوجه خاص والعلوم الاخرى على وجه العموم، كا انه يُعد مؤشرا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية. وعلى وفق ما تقدم جاءت فكرة هذا الكتاب وهو لا يختلف كثيراً عما سبقه من مؤلفات، ولكن حاولت فيه أن أضع خبرة ما يزيد عن ثلاثين سنة من ممارسة العمل الاداري منها قيادة عدد من الشركات الانتاجية والخدمية العامة والمختلطة أو العمل في مجالس إداراتها إضافة الى الخبرة الاكاديمية في مجال إدارة الأعمال، لذا حاولت جاهداً أن يكون كتاباً برؤية استراتيجية ومنهجية متكاملة والكمال لله سبحانه وتعالى.
وبغية عرض موضوعات الكتاب بطريقة مبسطة وتتابعية فقد تم تقسيم الكتاب الى اثنا عشر فصلاً تضمنت ما يزيد عن ) 800 ( مصطلح علمي باللغة الانكليزية إثراءً للفائدة. هذه الفصول تتكامل مع بعضها البعض تجعل من السهل على القارئ الكريم تتبع هذا الموضوع الحيوي بجوانبه المختلفة وعلى النحو الآتي:
الفصل الأول: خصص هذا الفصل كمدخل لدراسة إدارة الموارد البشرية وتطرقنا ▪ ▪ فيه لمفهوم وتعريف وأهمية وأهداف الموارد البشرية، ومداخل دراستها ووظائفها الرئيسة وموقعها في الهيكل التنظيمي للمنظمة إضافة إلى مؤهات مدير الموارد البشرية والتحديات والمصاعب التي تواجهها هذه الإدارة وانتهى الفصل بالتعرض إلى الوضع التنظيمي لإدارة الموارد البشرية في المنظمات العربية.
الفصل الثاني: هذا الفصل ناقش موضوع تخطيط الموارد البشرية، إذ تطرق إلى مفهوم ▪ ▪ وأهداف وفوائد وتخطيط الموارد البشرية والاعتبارات الواجب مراعاتها لنجاح هذا التخطيط إضافة الى خطوات وأساليب ومراحل التخطيط مع عرض لعلاقة تخطيط
الموارد البشرية بالتخطيط على مستوى المنظمة وانتهى الفصل بعرض المشاكل التي تواجه تخطيط الموارد البشرية. دارة لموارد لبشرية 
الفصل الثالث: تم تخصيص هذا الفصل لعرض اسراتيجية الموارد البشرية، إذ ▪ ▪ ناقش المنحى الاستراتيجي لإدارة الموارد البشرية، كذلك صياغة استراتيجية المنظمة وخطوات بناء استراتيجية الموارد البشرية وخطوات بناء هذه الاستراتيجية ومن ثم أهمية وخصائص التخطيط الاسراتيجي، والتوافق بين استراتيجية الموارد البشرية والخصائص البيئية، ومن ثم تطوير هذه الاسراتيجية وأفكارها الأساسية وانتهى الفصل بالتدقيق الاستراتيجي لإدارة الموارد البشرية.
الفصل الرابع: يناقش هذا الفصل موضوع تحليل وتوصيف الوظائف وتصميمها إذ ▪ ▪ تطرق إلى مفاهيم ومصطلحات أساسية في توصيف الوظائف، إضافة الى مراحل وخطوات وتحليل وتوصيف وتصميم وتصنيف الوظائف، وانتهى الفصل بعرض بناء الهيكل الوظيفي وتصنيفه.
الفصل الخامس: تناول هذا الفصل موضوع تدفق العمل وتحديد الاحتياجات، إذ ▪ ▪ تم عرض نبذة تاريخية عن تدفق العمل وتحليل مكوناته وعلاقته بحاجات المنظمة ومن ثم مفهوم وأهمية تدفق العمل وهيكل الوظائف مفهومه وأهميته وساته، وانتهى الفصل بتحديد العرض والطلب من القوى العاملة والعوامل المؤثرة فيه.
الفصل السادس: خصص هذا الفصل لواحد من أهم موضوعات إدارة الموارد ▪ ▪ البشرية ويعد مفصلاً أساسياً وهو موضوع الاستقطاب والاختيار والتعيين.
إذ ناقش عملية الاستقطاب كمفهوم وأهمية، وخطوات وأبعاد ومصادر عملية الاستقطاب، وعملية الاختيار كمفهوم وأهمية وخطوات ومسؤولية قرار الاختيار،
ومن ثم عملية التعيين كقرار ومحتويات وأهداف، وخطوات توجيه الموظف الجديد.
الفصل السابع: يناقش هذا الفصل قياس وتقييم الأداء، إذ يتعرض إلى أهمية ▪ ▪ وأهداف وخصائص تقييم الأداء واستخدامات ومعايير ومراحل وأساليب التقييم
وينتهي بعرض المشكلات التي تواجه قياس وتقييم الاداء.
الفصل الثامن: خصص هذا الفصل لمناقشة موضوع رئيسي ومهم وذا تأثير آني ▪ ▪ ومستقبلي في حياة المنظمة وموردها البشري وهو موضوع التدريب وتنمية المورد دارة لموارد لبشرية
البشري، إذ تم عرض مفهوم التدريب والتنمية وأهمية وأهداف وفوائد ومسؤولية التدريب وخطوات ومراحل وتصنيف وطرق وتقويم البرنامج التدريبي وأخيراً
تخمين ورقابة كلف التدريب.
الفصل التاسع: تناول هذا الفصل تقييم الوظائف وإدارة هيكل الأجور من حيث ▪ ▪ مفهوم وأهمية طرق تقييم الوظائف ومظاهره وصعوباته. وناقش أيضاً إدارة هيكل الأجور وانتهى الفصل بعرض لجداول تقييم الوظائف.
الفصل العاشر: تم تخصيص هذا الفصل لمناقشة الحفز الانساني ودافعية العمل، إذ ▪ ▪ تعَرّضَ لمفهوم الحفز وأهميته وفوائده ومفهوم الدافعية ونظرياتها، ومن ثم مداخل وقواعد وخصائص ومراحل نظام الحوافز، وأخيراً ناقش موضوع الحوافز الانتاجية وقدرات المنظمة وخياراتها في تحديد الحوافز.
الفصل الحادي عشر: ناقش هذا الفصل المسار الوظيفي كمفهوم وأهمية وفوائد، ▪ ▪ ومن ثم تخطيط المسار الوظيفي ومعالجة الجمود الوظيفي وانتهى الفصل بعرض موضوع تقادم المهارات.
الفصل الثاني عشر: مسك ختام هذا الكتاب خصص لإدارة الحركة الوظيفية ▪ ▪ وتحسن حياة العمل إذ ناقش موضوعات الترقية والتنزيل والاستغناء ونهاية
الخدمة…. وكذلك مفهوم وأهمية تحسن العمل وبرامجه وانتهى الفصل بعرض حلقات التوعية، ومستلزمات تطبيق برامج تحسين النوعية. وختاماً أتمنى أن أكون قد وفقت في هذا المؤلف وتحقيق ما كنت أصبو إليه من أهداف، وعسى أن يكون قد أخذ حيزاً ما في مكتبتنا العربية وأسأله تعالى أن يكون علماً نافعاً خالصاً
لوجه الله تعالى وللمهتمين من الطلاب والدارسين والتدريسيين ومنظمات الأعمال… وغيرها. وما توفيقي إلا بالله سبحانه وتعالى الذي علمنا ما لم نكن نعلم إنه نعم المولى ونعم النصير..