يعدّ التخطيط جوهر وقلب ادارة الأزمات، وجميع نماذج إدارة الأزمات تولي عملية التخطيط أهمية كبيرة وتؤكد على أهمية تطوير خطط لإدارة الأزمات. وينبغي أن تتضمن صياغة خطط إدارة الأزمات تحليل بيئة الأعمال الداخلية وتحليل بيئة الأعمال الخارجية، وتخطيط الاستجابة إلى الصراعات المحتملة، وتهدف هذه الخطط إلى تحديد النقاط الجوهرية التي من المتوقع أن يكون لها تأثيرات على عمليات المنظمة، ومن خلال تحقيق هذا الهدف، فإن المنظمة ستكون ذات وضع أفضل لمنع الأزمات (هذا في حالة الأزمات التي يمكن تجنبها)، أما في حالة الأزمات التي لا يمكن تجنبها فإن الإدارة لن تكون أسيرة للأزمة، وستكون أكثر استعدادا وقدرة للتعامل والتعاطي مع الموقف، وعند ظهور بوادر أية أزمة فان من واجب مديري الأزمات  أن يتخذوا كل التدابير التي تكفل ادارة الأزمة بكفاءة كبيرة وفاعلية عالية

وإذا ترك المديرون الأزمة لتديرهم وتتحكم فيهم، فإن هؤلاء المديرين لن يكونوا قادرين على التأثير في المخرجات والنتائج أو التحكم بها، وعند التفكير في الأزمة، فإن التفكير يتصل بمشكلات كبيرة ترتبط بهذه الأزمة، وعلى سبيل المثال فان الروتين المعتاد يتغير وينتهي في ظل الأزمة، وتجري صناعة القرارات في ظل بيانات ومعلومات غير كافية، وتحت ضغوط نفسية وعصبية عالية. وتجدر الإشارة إلى أن أحد الأخطاء الكبيرة (المتعلقة بالأزمات) أن يتم التفكير في الأزمة بالاتجاه السلبي فقط، إذ أن هناك جوانب ايجابية في الأحداث الحرجة، وهذا أمر مهم ينبغي إدراكه والتعاطي معه. وعلى الرغم من أنه ينجم عن الأزمة بعض الجوانب الإيجابية للمنظمة، غير أن الغرض الأساسي لعمليات التخطيط لإدارة الأزمة هو تجنب الوقوع في مواقف الأزمات. من جانب أخر، تساعد الأزمة على تبني تغييرات إجرائية جديدة، وتعديل الأوامر التي صدرت في أوقات سابقة

ولضمان بناء منظومة متكاملة للتعاطي مع الأزمات وإدارتها فإنه لا بدّ من إيلاء الاهتمام الكافي بالكوادر والأشخاص الذين يتعاملون مع الأزمة ويديرونها. وقد تمنح المنظمة الكوادر والأشخاص الذين ينجحون في حلّ الأزمة وإدارتها شهادات تقدير وشكر ومكافآت مادية وترقيات، وتسعى المنظمة إلى الاستفادة من خبراتهم وقدراتهم لتطوير برامج واجراءات جديدة لمنع امكانية حصول الأزمة مستقبلا

إن مهمة إدارة الأزمات والتعامل معها هي من المهام ذات الصعوبة الكبيرة، ويتطلب التعامل بنجاح مع الأزمات توافر مجموعة من المتطلبات الرئيسة التي تمكّن إدارة المنظمة من التعامل مع أية أزمة بدرجة عالية من الفاعلية، كما أن التعامل مع أية أزمة يجب أن يكون معتمداً على منهج علمي وعملي قائم على الرشد والخبرة والمعرفة، بحيث يؤدي إلى معالجتها بكفاءة وفاعلية، وعدم تفاقم هذه الأزمة وانتشارها وتغلغلها في مرافق المنظمة وعدم الحاق الضرر والأذى بالمنظمة وأصحاب المصالح

ولإعطاء صورة متكاملة عن هذا الحقل الحيوي (حقل إدارة الأزمات) فقد تضمن هذا الكتاب مجموعة موضوعات ومحاور تبني لدى القارئ معرفة متراكمة ومتكاملة عن هذا الحقل

ويركز هذا الكتاب على التعريف بمفهوم الأزمات وأسبابها وأنواعها ومراحلها والتعريف بالمفاهيم المرتبطة بها والمتداخلة معها، كما يركز الكتاب على تحديد ماهية إدارة الأزمات، وخصائص المنظمات المستعدة للأزمات، وتشكيل فرق للأزمات، ودور مجتمع الأزمة في مواجهتها، والمناهج المستخدمة في تشخيص الأزمات والتنبؤ بآثارها ونتائجها المحتملة، والاستراتيجيات التقليدية وغير التقليدية التي تستخدم في التعامل معها، ويزود هذا الكتاب القارئ بمجموعة من الأدوات الفاعلة والإرشادات العامة التي تساعد في نجاح استراتيجيات إدارة الأزمات، ويتناول مجموعة من النماذج الفاعلة والناجحة التي تساعد في إدارة الأزمات، ويركز على التعريف بسيناريوهات إدارة الأزمات، ويعرف القارئ بأهمية الاتصالات والتغطية الإعلامية للأزمة، إضافة إلى موضوعات أخرى مرتبطة بهذا الحقل الإداري المتجدد

الأهداف العامة لهذا الكتاب

يهدف هذا الكتاب إلى تحقيق الأهداف العامة الآتية

• تعريف القارئ بحقل رئيس من حقول الإدارة الحديثة وهو حقل إدارة الأزمات
• إظهار دور حقل إدارة الأزمات في تدعيم القدرات المنظمية لمواجهة الأزمات المتعددة المحتملة والأوضاع الطارئة
• التعريف بالأسباب المختلفة التي تنجم عنها الأزمات التي تواجه المنظمات باختلاف أنواعها
• تعريف الطلبة وإطلاعهم على الأنواع المختلفة للأزمات
• شرح المناهج المختلفة التي يجري استخدامها في تشخيص الأزمات المختلفة والتنبؤ بآثارها
• التعريف بالاستراتيجيات التقليدية والاستراتيجيات غير التقليدية التي تستخدمها المنظمات في التعامل مع الأزمات ومواجهتها والتغلب عليها
• تزويد القارئ بمجموعة من الأدوات الرئيسة والإرشادات العامة التي تساعد أية إدارة على التعاطي بكفاءة وفاعلية ونجاح كبير مع الأزمات المحتملة
• تعريف القارئ بمجموعة من النماذج الناجحة والفاعلة لإدارة الأزمات المحتملة
• تحديد السيناريوهات المختلفة لإدارة الأزمات والتعريف بكيفية بناء هذه السيناريوهات
• إظهار أهمية الأساليب الكمية في التعاطي مع الأزمات وإدارتها
• تحديد أهمية الاتصالات والتغطية الإعلامية للأزمات والسبل المعتمدة لتحقيق الفاعلية والنجاح لذلك
• عرض وتحليل للأزمة المالية العالمية 2008 واستعراض محطات مهمة في هذه الأزمة، وتناول الملامح الرئيسة التي سبقت الأزمة المالية، وتناول بعض آثارها ونتائجها الرئيسة، وتأثيراتها وانعكاساتها في الدول العربية