الصعوبات الإملائية في الخط العربي
12 د.ا 2 د.ا
فقد تعرضت لغة الضاد الشريفة في نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلى هجمة حاقدة متوحشة من الطعن والتشويه والذم والتصغير والتحقير من مجموعة من المستشرقين وأتباعهم من العرب المفتونين بكل شيء أجنبي وبكل لون غير لون الآباء والأجداد الكرام الميامين، لا لشيء إلا ليقال أنهم متحضرون وتقدميون متقدمون، وهم في دركات التخلف قابعون سامدون
وقد تناولت هذه الحملة النحو والصرف والشعر والعروض بل والقرآن والحديث والدين الحنيف والتاريخ المضيء، ورموز الحضارة من الوجوه الوضيئة المضيئة، من الخلفاء والقادة العظماء. والعلماء النبهاء
فقد تعرضت لغة الضاد الشريفة في نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلى هجمة حاقدة متوحشة من الطعن والتشويه والذم والتصغير والتحقير من مجموعة من المستشرقين وأتباعهم من العرب المفتونين بكل شيء أجنبي وبكل لون غير لون الآباء والأجداد الكرام الميامين، لا لشيء إلا ليقال أنهم متحضرون وتقدميون متقدمون، وهم في دركات التخلف قابعون سامدون
وقد تناولت هذه الحملة النحو والصرف والشعر والعروض بل والقرآن والحديث والدين الحنيف والتاريخ المضيء، ورموز الحضارة من الوجوه الوضيئة المضيئة، من الخلفاء والقادة العظماء. والعلماء النبهاء
وكان نصيب الخط العربي من هذه الهجمة نصيب الأسد، فقد نعتوه بالتخلف والصعوبة وعدم القدرة على مسايرة الحضارة ومجاراة التقدم ودعوا إلى تغييره والكتابة بالخط اللاتيني بدلاً منه ، وكان يتزعم هذه الحملة المستشرق(ولهلم سبيتا willhelm spita ) الذي كان مديرا لدار الكتب المصرية، وتبعه كل من (فولرس valiers ) سنة1890، والقاضي الإنجليزي (سلدون ويلمور (sildon willmore سنة1901م وقد تلقف هذه الدعوة عدد ممن يحسبون من الأمة وهم ليسوا منها، فراحوا يروجون لها في الأوساط الثقافية والإعلامية فكتبوا في ذلك المقالات والبحوث، ومن بين هؤلاء أنيس فريحة بكتابه: “الخط العربي ومشكلاته ” الذي وضع فيه معايير للخط المثالي، فأخرج منها الخط العربي
وقد بلغت الحملة أوجها عندما تقدم (عبد العزيز باشا فهمي) إلى مجمع اللغة العربية باقتراح يطلب فيه استخدام الخط اللاتيني، بدل الخط العربي في الكتابة فمتمثلاً بالتجربة التركية التي أقدم عليها(مصطفى كمال أتاتورك) بعد الحرب العالمية الأولى
ولست في هذه العجالة، معنياً بالتصدي لهؤلاء وتفنيد آرائهم، فقد تكفل بالرد عليهم من أبطل مزاعمهم وكشف نواياهم وعرَّى مقاصدهم بما لا مزيد عليه من الحجج البالغة والبراهين الدامغة
ولكني أقول إن كل خط من الخطوط العالمية ومنها الخط العربي له مشكلاته وصعوباته، وهذه المشكلات والصعوبات يمكن التغلب عليها من خلال النظر والمراجعة من السادة الأفاضل من علماء اللغة والمربين والموجهين التربويين ومدرسي اللغة العربية في المدارس الذين لهم تجارب لا يستهان بها في هذا المجال
وإني قد أحصيت للخط اللاتيني المستعمل في اللغة الإنجليزية ثمانية وخمسين صعوبة إملائية، لا يخضع معظمها للقياس، وليس حال الإنجليزية بأهون من حال الفرنسية وسائر اللغات الأوروبية الحديثة في هذا المجال مما حدا بأحد علمائهم وهو(فالدريس) إلى القول:(إننا نواجه كارثة وطنية)، في الكتابة والإملاء، ومع هذا فإنهم يتمسكون بخطهم وينافحون عنه، ولا يدعون إلى تغييره أو التخلي عنه إلى غيره
إن التغلب على مشاكل الإملاء في أي خط من الخطوط لا يكون بإلغاء الخط الذي بذل العلماء في تطويره وتحسينه جهوداً كبيرة على مدى ألف وأربعمائة عام فإن هذا من العقوق الذي لا يغتفر لأي إمرئ كائناً من كان
ولكن التغلب على مشكلات الخط والإملاء تكون بتطوير وتحسين وتسهيل أساليب التدريس وابتكار وسائل التعليم المعينة من أجهزة وصور وخطوط وإشارات وتلميحات، يقوم بها المدرسون والطلبة في المدارس. وإني أدعو إلى إشراك الطلبة في وضع الخطط والبرامج التعليمية، كما أدعوا إلى مشاركتهم في الاقتراحات ووضع الحلول للمشكلات التي تعترضهم أو التي يعانون منها في الخط والكتابة
ولا يفوتني في هذا المقام أن أشير إلى أهمية إختيار المعلم الكفء الذي تتوفر فيه الشروط الثلاثة التالية
- أن يكون كفياً في موضوع تخصصه
- أن يكون مؤهلاً تأهيلاً تربوياً في المجالين النظري والتطبيقي
- أن يحب مهنته “التدريس”، غير ضجور ولا ملول، يحب مهنته ويحب المادة التعليمية ويحب التلاميذ ويحرص على تفوقهم ويشعر بأن عمله الذي يقوم به واجب وطني وقومي وديني، وعلى درجة من الأهمية لا تصلح حياة الأمة إلا بها
- الكشف عن مواطن الصعوبات التي يخطئ منها الأطفال ليتم علاجها
- طرد القاعدة الإملائية في جميع الأحوال والظروف وتخفيف تشعيباتها، والتخلص من الاستثناءات الثانوية منها، والالتزام بصورة واحدة للحرف أو الكلمة، ومثال على ذلك همزة (ابن وابنة)، التي تثبت دائماً وتحذف في موضع معين، وأرى أن لا ضرورة لهذا الاستثناء، وأرى وجوب الالتزام برسم الهمزة في جميع الأحوال، ومثل هذا يقال في همزة (اسم) ونون إذن و واو عمرو، والألف الفارقة، و واو داود وأخواتها وألف مائة فإن هذه كلها يمكن التخفف منها وإلزام الأطفال بصورة واحدة تريحهم
- التوفيق بين آراء العلماء المتعددة التي تدور حول قضية إملائية معينة، واختيار رأي واحد من بينها فتكتب الكلمة وفقه، ويكون ملزماً للجميع أن يكتبوها وفقه، ويكون من الخطأ مخالفته وإتباع غيره. مثل كلمة(رؤوس) فهي ترسم مرة بواو واحدة ومرة بواوين ومرة منفردة وفي هذه الحالة يمكن الاتفاق على رأي واحد يلتزم الجميع به، وإهمال ما عداه، وفي هذا تخفيف على الناشئة، وتوحيد للكلمة. وهو أمر منوط تحقيقه بمجامع اللغة في كل أقطار الوطن الكبير
- الأخذ بالعوامل التربوية والنفسية الايجابية في دروس الإملاء وإشاعة أجواء المرح والتشويق، التخفيف على الناشئة، واستخدام الأساليب النافعة، ووسائل التعليم الحديثة، وإشراك التلاميذ في النشاطات الصفية، واحترام اقتراحاتهم وآرائهم لإكسابهم الثقة بأنفسهم فيحبوا دروس الإملاء فيقبلوا عليها بشغف، وهذا مقوم أساسي من مقومات النجاح، في دروس الإملاء وفي غيرها
إن إعادة النظر في بعض القضايا الإملائية الصعبة ليس عيباً ولا حراماً، بل هو واجب نؤجر عليه، وغايتنا منه الوصول بالخط إلى درجة الكمال، والخط صناعة كما قال ابن خلدون، لا تزال تعالج وتخضع للإصلاح والتحسين والتقويم حتى تبلغ درجة الكمال
الوزن | 0.55 كيلوجرام |
---|---|
الأبعاد | 17 × 24 سنتيميتر |
ردمك|ISBN |
978-9957-49-114-1 |
منتجات ذات صلة
الترجمة النقدية التأويلية الكتب المقدسة
الترجمة ليست مجرد تعامل سطحي مع التراكيب والمفردات ، وإنما هي توغل في المعاني واستقراء للرموز والصور . هي عملية لغوية متعددة ، فيها اللغة ، وفي اللغة آثار البيئة والثقافة ، وفي البيئة يتحكم الإنسان وتؤثر عليه ، والإنسان يتأثر بالثقافة سواء كانت أصيلة أو دخيلة . ولا بد أن والحالة هذه أن تطبع الترجمة بطابع خاص ومميز ، يختلف من هذه اللغة إلى تلك ، ومن هذه الثقافة إلى تلك .
ولا يشك أحد في أن الترجمة ظاهرة رافقت الإنسان منذ القديم ، فهي وسيلة من وسائل الالتقاء الحضاري بين الشعوب ، تعكس بشكل واضح ثقافة أمة معينة ، وتبرز آثارها وعبقريتها . إنها نشاط ثقافي إنساني لا غنى عنه ، قناة رئيسية للتبادل بين الشعوب . وتكاد تكون مهنة الترجمة قديمة قدم المجتمع البشري ، وتعدد أممه ولغاته ، فقد مارستها مختلف الحضارات الإنسانية ، وأفسحت لها مجالا واسعا في حركتها الحضارية ، وكانت إحدى الأسس التي استندت إليها منظومتها المعرفية ، وتطوير ثقافتها الذاتية ، وإليها يرجع الفضل في مد جسور الحوار بين الشعوب ، وفتح مجالات التلاقح بين الحضارات المختلفة ، فكانت بذلك القناة الفعالة التي تدفقت منها المعارف الإنسانية ، لتنتقل بين بني البشر وتتراكم ، فيستفيد اللاحق من السابق ، إلى أن ارتقى العقل البشري إلى المكانة التي انتهى إليها اليوم .
الصرف العربي-رؤى تداولية
لقد شهد الدرس اللسانيّ في العصر الحديث تحولات جذرية في الاتجاهات والمناهج والأدوات، ومن هذه التَّحولات الدراسات التّداوليّة التي برزت نتيجة إخفاقات التركيبيّة والتفكيكيّة والمناهج السابقة في الوصول إلى نظريات تبرز المعنى، وقد لاقت التّداوليّة ميداناً خصباً في اللِّسانيات الحديثة والدراسات الصَّرفيَّة واتسعت رقعتها على خارطة البحث اللغويّ؛ وهذا الاتّساع في الدراسات التّداوليّة لا يحتاج إلى دليل أمام هذه الغزارة في الأبحاث والمؤلفات التّداوليّة التي تداعت على البحث اللساني, وغيّرت وجهته وملامحه, ويعود هذا إلى أنَّ هذا المنهج يقوم على استجلاء المعنى في البُنى اللُّغويَّة من حيث التركيب والدِّلالة, بعد أن قامت التّداوليّة على أنقاض مناهج لم تفلح في تحديد عناصر المعنى الذي هو مدار العمليّة اللغويّة من ألفها إلى يائها, لقد تجاوزت التّداوليّة المناهج التقليديّة التي تدرس اللغة لذاتها ومن ذاتها, ونظرت إلى اللغة على أنّها نظام تواصل واتصال في المقام الأول

النقد الصوتي في التراث العربي
إنّ هذه الدراسةَ هي محاولةٌ لتثويرِ ما في التراثِ العربي، والتنقيبِ فيه لمعرفةِ الأُسسِ التي سار عليها العرب القدماءُ وللاطلاعِ على جزئيةٍ من ذلك الكمّ الهائل الذي خلّفهُ لنا السلفُ الصالح من علومٍ شتّى عسى أن يسدَّ ثغرةً في الدرس الصوتي الحديث، وأن تكون لبنة في الدراسات الصوتية المستقبلية؛ لاستكشاف ما في غور التراث، وجعله يناغم اللّغات الاُخرى التي نالت نصيبها من التكنولوجيا الحديثة، لتتواءم والعصرنة التي تعيشُها سائرُ تلك اللّغات فيما وصلت إليه. ومع أنّه ليس من السهل استقصاء التراث العربي، أو الإحاطة بكلّ ما احتوى من نقود وتعليلات ومناقشات، أو استدراكات في الأصوات.. فذاك مطلبٌ تشرئب له الأعناق وترنو إليه النفوس والألباب، فهو وإن كان بعيد المنال لمن تقيّده الآجال، وتحكمه غِيَرُ الدهور والأزمان، إلّا أنّه في الوقت نفسه سهل القِطاف لمن لم يتعلق بالحجج والآمال.

براجماتية اللغة ودورها في تشكيل بنية الكلمة
إن قوانين التطور هذه سواء أكانت قوية التأثير أم ضعيفته، لا تستشير أصحابها أو الناطقين باللغة في فعلها، ولذا قد تجد قانوناً لغوياً يعملُ في اتَّجاهٍ معيَّن، ليحدِث أثراً ما، ولكن اللغة التي خضعت لهذا القانون لا تجد بأساً من الخضوع لقانون آخر قد يكون معاكساً له في الاتِّجاه، وفي سبيل توضيح هذا الأمر نضرب مثالين من الأمثلة، يتعلَّق الأوَّلُ بالمستوى الفصيح، والثاني بالمستوى اللهجي، فعلى المستوى الفصيح نجد أنَّ قانون الأصوات الحنكية قد تدخّل في إعادة تشكيل صوت الجيم المفردة (كتلك التي نسمعها في اللهجة القاهرية وغيرها من لهجات جنوب الجزيرة العربية) وغيره بفعل ما نطلق عليه عملية التغوير Palatalization إلى صوت مركّب، وهو صوت الجيم المكون من صوتين يبدأ الأوّل منهما بصوت لثوي أسناني وهو الدال ويكون الثاني صوتاً وسطياً، وهو صوت الشين المجهورة كتلك التي نجدها في نطق أهل دمشق ونابلس في فلسطين لصوت الجيم، وهذا التغير خاضع لقانون لغوي كما نرى، ولكنَّ تدخُّل هذا القانون لم يكن عن قصد من مستعملي اللغة، بل جاء ممثلاً لخاصية التلقائية، وهذا التدخُّل لا يمكن بحالٍ من الأحوال أن يمنع تدخُّل قانون آخر، وهو ما يُطلَق عليه »انحلال الصوت المركّب«، الذي دفع إلى التخلُّص من صفة التركيب، وأدّى إلى انحلال الجيم المركّبة إلى أحد مكوِّنيها، كما في كلمة الدشيشة، وأصلها الجشيشة، وغيرها من أنماط استعمالية نتجت عن هذا الانحلال، واللغة في هذا القانون وذاك، لم تستشر أصحابها ولم تأخذ رأيهم، لا في تدخُّل قانون الأصوال الحنكية، ولا في تدخُّل قانون انحلال الصوت المركّب.
وأما اللهجات المعاصرة، فنجد أنّها قد اتّخذت في بعض بيئاتها الاستعمالية مظهر السهولة والتيسير شعاراً لها فيما يخصُّ الهمز، فقد تخلّصت أغلب اللهجات من الهمزة إذا وقعت في وسط الكلمة أو في آخرها، وهو أمر يمكن تفسير تدخُّله ولا يمكن وقفه، فقد حدث بفعل الميل إلى التخلُّص من نطق صوت الهمزة لما فيها من صعوبة ناتجة عن مخرجه، وهو مخرج الأوتار الصوتية، غير أنَّ هذا المظهر ليس إلزامياً للغة، فقد تدخّل قانون آخر لا يلفت إلى السهولة والصعوبة، وهو قانون المبالغة في التمدُّن فغيَّر صوت القاف إلذي يمتاز بسهولته إلى الهمزة في اللهجة نفسها، مما يؤكِّد ذرائعية قوانين التطوُّر اللغوي، وأنَّ اللغة (لا تستشير) أبناءها أو مستعمليها في عمل قوانينها.
ومن هذا المفهوم الأخير، جاء جهد الدكتورة ريم المعايطة في دراسة براغماتية قوانين التطور اللغوي، فقد استطاعت أن تَلُمَّ موضوعاً مبعثراً منذ وقت ليس قليلاً، استطاعت من خلاله أن تتجاوز الحدَّ الذي يفصل بين المستوى (الفصيح) والمستويات الاستعمالية التي رصدها علماء السلف فيما يعرف بمصنَّفات كتب لحن العامة، فأحاطت بأهمها، ككتاب لحن العامة للكسائي، وتثقيف اللسان وتلقيح الجنان لابن مكي الصقلي، وتحرير التحريف وتصحيح التصحيف للصفدي، وتقويم اللسان لابن الجوزي، وغيرها من المصادر المهمّة في هذا الباب، ورصدت مادة مهمّة في سبيل الخروج بدراسة تجمع فيها شَعَث موضوع لم يكن قد نضج بعد، وتمكّنت من اجتياز موضوع صعب، ولا أُبالغ إذا قلت إنَّ ما تهيَّأ لها من خُلُقٍ شخصي وعلمي قد مكّنها من التعمُّق في موضوعٍ صعب قاس، واستطاعت أن تفسِّر عمل هذه القوانين اللغوية التي يبدو بعضها مناقضاً لبعضها الآخر، فقدّمت نوعاً طيباً من الدراسات التي تتعلّق بجانب نحن بأمس الحاجة إليه، حتى لا نظلَّ حبيسين في إطار من الدراسات النظرية التي تشبه الترجمات أكثر مما تتعلّق به الجوانب التطبيقية للغة، فالتأطيرات النظرية كثيرة، وبعضها لا يبدو معنياً بتقديم إطار واحدٍ مفهوم، وأما الجانب التطبيقي، فليس كذلك.

تمثلات الممنوع والمقموع في الرواية العربية المعاصرة
تؤكد بعض مفاصل الرواية العربية المعاصرة؛ أن العلاقة بين الغرب والشرق محددة بالمهمة " الحضارية ". الغرب جاء لتحضيرالشـرق لا اسـتعماره، ينتقم بطل الروايات العربية مـن الغرب بإظهار قوته الجنسـية. يثبت توحشـه ومن ثم يثبت ضـرورة تحضيـره. وهذا يعني أن اسـتمرارالغـرب في مهمتـه التحضيرية مرهون باستمرارالبطل الشرقي بتوحشه

جبرا إبراهيم جبرا في ضوء المؤثرات الأنجلو أمريكية
في ظل المؤثرات الأنجلو أمريكية ، ظهر في شعر جبرا سمت جديد ، يتميز باصطناعه الصورة الكلية وبخفوت الإيقاع ، الذي يقترب من النثرية . وبشيء من التشابه العام بالشعراء الذين يصطنعون شعر التفعيلة عامة في الغرب الأنجلو أمريكي . وفي ضوء تأثير مدرسة الحداثة الأنجلو أمريكية ، ظهرت في شعريات جبرا رموزا أخرى ؛ مثل رموز الثقافة المسيحية والتجربة الصوفية ، وأهمها الصلب ، والتجربة الوجودية . ويمكننا أن نجمل هذه الرؤى من خلال ؛ رؤيا الموت والولادة على غرار إليوت .
وفي ضوء المؤثرات الأنجلو أمريكية ، نلمس ملامح جديدة في قصيدة جبرا ، كالسخرية ذات المفارقة العالية، فهو أقرب في شعره إلى إليوت ، وإلى حداثة الشعراء الرواد الآخرين ، من مدرسة الشعر الجديد في العالم الجديد . اتجه هذا التصور الساخر الأسود نحو الموضوعية ، يستخدم القناع ليخفف من أثر الغنائية المباشرة ، فاكتسي ملامح درامية .
تأثر جبرا في تجربته الشعرية بالشاعرة الأمريكية " هنريت مونرو" ، وبمجلة شعر الأمريكية . بدأ انتعاش الشعر في أمريكا بصدور العدد الأول من مجلة " شعر " مجلة تعني بالشعر . ومن شيكاغو بالذات ، وقد بقيت المجلة حية قرابة نصف قرن ، وصارت أبعد المجلات الأدبية أثرا . ظهر ولع جبرا بالشعر منذ حداثته ، وتأثر بالشاعر الناقد ( ت ، س ، إليوت ) . وطبقا لذلك تابع قراءاته للشعراء الميتافيزقيين ، الذين ظهروا في القرن السابع عشر في إنجلترا ، وشعراء الكلاسية الجديدة مثل: " الفرد تنسون " ، و "ت.ا.هيوم ". ارتبط جبرا في تجربته الحداثية بالحركة التصويرية والرسم ، متأثرا بـ " إزرا باوند . وتأثر جبرا بالشاعر " الفرد تنسون " ، ، وهو شاعر فكتوري .
وتأثر جبرا بجماعة من شعراء جيل الحداثة الثاني ، من شعراء هذه الفئة كان " ارشيبالد ماكليش" ،"هارت كرين ، و"ولاس ستيفتز" ، و"ماريان مور " ، ووليم كارلوس ويلميز ، و"ساندبيرغ" ، و "روبرت فروست" t الذين كانوا يمثلون نموذج الروح الأمريكية ، لأنهم ظلوا في بلادهم ، أو عادوا إليها مكرسين أنفسهم لأغراض عملية ، وهم يكتبون شعرا ذا جمال خالص من حيث الإيقاع والصور .
وتأثر جبرا تأثرا كبيرا بـ "مجموعة شعراء الثلاثينات "، وهم شعراء نقاد ، من مثل : و.هـ.أودن ، وستيفن سبندر . ووقع جبرا تحت تأثير الشاعر الإنجليزي " ديلان توماس" ، الذي يمزج في شعره بين قوة الميلاد والخراب . وهو الموضوع الدائم الذي أثار فيه كوامن الرعب والاشمئزاز ، لما في الحربين الاثنين من عذاب وتقتيل .
ويبلغ تطور جبرا القمة في بعض قصائده . من خلال طابعها الجديد المتميز وحدة لهجتها ونفوذ اتجاهها ، وتماسك بنائها الأسطوري ، المكتظ بمعاني الفداء والخصب . كما تتجلى فيها ثقافة جبرا ، وتبرز مدى إطلاعه على ثقافة وحضارة الغرب الأنجلو أمريكي . وتكاد تكون جامعة لجل خصائص شعر ه الفنية بصورة واضحة ؛ من حيث الغموض ، وقوة الصورة وإيحائها . ومن حيث ميله إلى إبعاد عناصر الذاتية عن الشعر، وإحلال الموضوعية مكانها . ويكثر من استخدام النغمه الساخرة من الحضارة الغربية المعاصرة من جهة ، ومن الحضارة العربية المتهالكة والمتداعية . ليزيل الوهم عن الجيل الجديد ، ويبصره بحياته الخاوية التي تنقصها القيم الروحية والإنسانية

المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.