هذا كتاب جديد بالعربية يتناول موضوع “الروحية في الاعمال” وكما يعلم المختصون بهذا المجال أن الفترة القريبة الماضية شهدت إهتماما متزايدا بالروحية بوصفها المصدر الكامن الجديد لطاقات والقدرات التي تلهم الأفراد بالغرض وتحفّزهم بالدلالة وتقوي روحهم المعنوية بالقيم الروحية وتعزز ثقة الإنسان بنفسه ومكانته في العمل بالتسامي والطريقة الذاتية الخاصة بالفتكير والعمل
ومع التأكيد على أن الروحية ليست بالضرورة دينية وإنما هي في التفكير والممارسة يمكن أن تكون دينية أو غير دينية أي عقلانية رشيدة . وهذا يعني أن الروحية ( Spirituality ) شيء والدين ( Religion ) شيء آخر . مع التأكيد على إن الروحية تتغذى من الدين في كل ثقافة ومجتمع من جهة ويمكن أن تكون روحية دينية بمعنى أن هناك روحية إسلامية ، مسيحية ، يهودية ، وكونفوشيوسية منجهة أخرى . ولأن الأعمال هي القوة الإقتصادية والإدارية الأكثر حيوية في الإقتصاديات الحديثة فإنها تظل تبحث عن مصادر الفاعلية والكفاءة بإستمرار . لهذا شهدنا خلال العقود الماضية سيلا لا ينقطع من النظريات ، الأستراتيجيات ، المفاهيم ، والطرق الجديدة كما هو الحال في إدارة الجودة الشاملة، إعادة الهندسة ، المعايرة ، التمكين الإداري ، رأس المال الفكري ، إدارة سلسلة التجهيز ( SCM ) ، إدارة علاقة الزبون ( CRM) والحيود الستة ( Six Sigma ) وغيرها الكثير . ومع أن الكثير من المفاهيم قام بدور ثوري في تطوير فاعلية وكفاءة الأعمال ولا زال حتى الآن ، فأن الكثير منها أيضا كان بمثابة بدعة( Fad ) أشبه بالموضة التي تظهر فتخلب الناس في مجالها ثم تتلاشى فلا يبقى منها شيئا إلا القول عفوا أنها كانت بدعة لا يمكن الإستمرار فيها . ومع الروحية قد تثار هذه الخبرة مع المفاهيم والطرق الجديدة لنقول أن الروحية ليست جديدة في حياة الإنسان كما أن الاديان كلها جاءت لتلبي حاجات حقيقية في الإنسان هي الحاجات الروحية ( Spiritual Needs )التي أضافها إبراهام ماسلو ( B. Maslow ) أواخر أيامه إلى مدرج هرمية الحاجات . كمأ أن الروحية أضيفت إلى نظرية السمات الخمس الكبيرة بوصفها السمة الأساسية السادسة ( Piedmont,1999,p985 ) . وبنفس الطريقة تحدث زهر ومارشال (Zoher and Marshall,2004 ) عن شكل جديد لرأس المال هو رأس المال الروحي ، ومع أن جاردنير في الذكاءات المتعددة قد وضع الذكاء الروحي ضمن الذكاء العاطفي إلا توني بوزان ( T.Bozan ) مبتكر الخرائط الذهنية ( Mind Maps ) تحدث عن مجال جديد للذكاء هو الذكاء الروحي في كتابه الذي حمل نفس العنوان . لهذا نقول أن الروحية في الأعمال هي الخبرة الجديدة التي يمكن أن تساهم في إثراء التجربة الإنسانية في العمل وتحسين مناخ الأعمال في التجارب المختلفة في الشرق والغرب على حد سواء . أن الغرب الباحث عن اليوغا وصالات التأمل والعودة للطبيعة إنما هو يبحث عنالروحية التي إفتقدها جراء المادية المفرطة في التفكير والنزعة الإقتصادية في البحث عن الربح وأولوية صنع النقود والإعتماد المتزايد على التكنولوجيا العالية(High-Tech)مماأفقدهالمسة الإنسانية العالية ( High-Touch ) .وهذا الكتاب قصة مروية عن الروحية وغرضها ودلالته وقيمها من أجل إثارة الإهتمام بمورد لا ينضب من معنويات الإنسان
وهذا الكتاب يتكون من عشرة فصول ، حيث غطى الفصل الاول المفاهيم العامة في الروحية في الأعمال وفيه تم تحديد أربعة مداخل أساسية للروحية بما يساعد على فهم الروحية في دلالاتها الاساسية . وفي الفصل الثاني تم تناول أبعاد التطور في الروحية من خلال الفقرات مهمة لفهم التطور نحو الروحية مثل : الإنسان كائن روحي ، الجزء الإنساني في العمل ، الحاجات الروحية في العمل ، الروحية:السمةالسادسةالكبيرة،بزوغ مفهوم الإنساني الكلي ، العلم والتكنولوجيا والروحية ، ومن الخطية الى الروحية ..إلخ
الفصل الثالث حمل عنوان القيادة الروحية وتشمن مفهوم القيادة الروحية ، خصائص القيادة الروحية ، مهامها الأساسية ، وأنماط القيادة الأخلاقية ، ودورة الخوف ودورة الروحية.فيحينغطىالفصلالرابع موضوعا جديدا في الروحية هو الطريقة ( The Way ) حيث ان عددا من الشركات الرائدة والمتميزة طوّرت طريقتها الخاصة بوصفها الطبيعة الذاتية للشركة وروحيتها التي إليها يعزى التميّز وكل عوامل النجاح الحرجةلبقاء ونمو الشركة . وقد تضمن الفصل عرض لبعض تجارب الشركات التي طورت طريقتها الخاصة مثل شركة أمزون ، طريقة زن ، وطريقة تويوتا . الفصل السادس تناول الذكاء الروحي خصائصه وأبعاده ودوره في تعظيم رأس المال الروحي . ام الفصل السابع فغطى موضوع أخلاقيات الإدارة والروحية حيث تضمن الفصل موضوعات مهمة عن العلاقة بين الأخلاقيات والروحية في الأعمال والعلاقة بين القيادة الاخلاقية والقيادة الروحية في الشركة ، مع التمييز للقيم الأخلاقية والقيم الروحية والتي عادت ما تتداخل لدى الكثيرين رغم الفارق الواضح بين الإثنين حيث القيم الأخلاقية هي قيم الحق في حين القيم الروحية هي قيم الإستزادة والفيض التي تتخطى إعطاء كل ذي حق حقه إلى إعطاء ما أكثر من ذلك
وكانت وقفتنا الجديدة ومساهمتنا المهمة في الفصل الثامن الذي حمل عنوان ” الروحية الإسلامية في الأعمال” . وهذا الفصل هو أول مقاربة للمؤلف من الإدارة الإسلامية التي يعكف عليها الآن داعيا المولى أن يوفقنا في هذا المسعى . وفي هذا الفصل تم تقديم تصور عن الروحية الإسلامية وكيفية فهمها ومصادر الخبرة فيها وعلاقتها بأخلاقيات العمل الإسلامي وأخيرا ما يمكن تعلمه من الروحية الإسلامية
وفي الفصل التاسع تمت تغطية موضوع القياس والتقييم للروحية في الأعمال في إطار رؤية خاصة تقوم على إدارة الأداء الشامل . حيث تم تقديم مجموعة المؤشرات لاممثلة للأداءالشامل ومع تركيز أكبر على معايير ومؤشرات أداء الروحية في الاعمال . وفي الفصل العاشر تم الحديث عن نمظ جديد من الشركات هو الشركات القائمة على الروحية . والواقع أن هذا لانمط الجديد منالشركات هو نتاج تطورات كثيرة من أنماط الشركات التي يطرحها المختصون لمواجهة تحديات البيئة وحاجات العاملين فيها : الشركات الأفقية ، الواعية ، المدنية ، القائمة على القيم ..إلخ . وإنتهينا من الكتاب في الفصل الحادي عشر بعرض كتاب مهم من كتب الروحية في الاعمال هو كتاب “قوة الروح : كيف تتحول الشركات” لهاريسون أوين ( Harrison Owen ) كتجربة غنية في هذا المجال
إن هذا الكتاب تجربة إدارية طيبة وفريدة لأنها تطرح موضوعا لا زال لا يأخذ حيزا كبيرا في مصادر الإدارة المتخصصة ، وأملي أن يكون محفزا ودافعا لمزيد من الإهتمام بموضوعه
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.