تعرض المجال الإعلامي العربي في أوائل الألفية الثالثة لتغيرات ثورية عميقة حيث وصلت تكنولوجيات النشر إلي مستوى عال جداً مما جعل تجسيد أي خطة إبداعية معبراً عنها على شكل صورة مرئية حقيقية. وقد سمح الغرافيك في الكمبيوتر الذي يستخدم في صياغة شكل البرامج التلفزيونية بتنفيذ أي تعديل وتحويل بالصورة المرئية، بما فيها تلك التي تعد غير عادية بالنسبة للوعي الواقعي عند الإنسان بخلاف وعي ما كان يحلم به. ويؤدي هذا إلى تغير أسس الإدراك المرئي: إن العالم الحقيقي الذي يعيش فيه الإنسان وينمى يبقى غير متبدل أما المماثل البيئي لانعكاسه فيتم خرقه.
إن تحول النشر والطباعة والبث التلفزيوني في العالم العربي إلى أعمال تجارية يضع المبدعين في المطبوعات والمحررين في البرامج التلفزيونية، أمام ضرورة استخدام طرق توسيع الجمهور. على شاكلة الرأسمالي الأمريكي الكبير في مجال الصحافة ب. هرست، التي استخدمها لمصلحة بقاء الفروق التي كانت تحت سيطرته في أعوام الكساد العظيم. وينحصر جوهر هذه الوصفة في الاستعانة بشخصية الإنسان البيولوجية،وبما يسمى بـ (بغريزته) الأساسية: البقاء، استمرارية النسل، الأمر الذي يؤدي إلى اجتراف الأسس الثقافية العامة وإلى ركض وعدو الصحافة وراء الحقائق المطبوخة وتبسيط وتشويه لغة الإصدارات الدولية.
في هذه الظروف بالذات تطرح على جدول الأعمال مشكلة حماية الإنسان القارئ والمشاهد على المستويات الفيزيائية البيولوجية والنفسية والروحية وأمثلة الإعلام والسيكولوجيا. وإن الوسط الثقافي بوجود الإنسان بحاجة أيضاً إلى حماية في سبيل الحفاظ على المعايير العرقية الاجتماعية في التواصل بين الأفراد وفي سبيل الإبقاء على التقاليد اللغوية للتعبير عن الذات عند التواصل.
إن هذا العمل المقدم للقارئ المهتم قمنا به بعد دراسة متنوعة لكثير من المعارف العلمية ونعرض فيه إمكانية العلوم المختلطة المتداخلة عند دراسة الأمن السيكولوجي في وسائل الإعلام الجماهيري.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.