تنبع أهمية هذا الكتاب من كونه رسالة إلى الشرق والغرب ، تؤكد على أهمية إقامة حوار بناء ومثمر، يحقق الأهداف المرجوة منه فى ظل علاقات عالمية متشابكة ؛ تفرض على جميع الدول ، السعى نحو التعاون والتكامل فيما بينها لتحقيق الرخاء لشعوبها ، من خلال التعايش السلمى بين شعوب الأرض قاطبةً ؛ ومن ثم تحقيق الاستقرارلأنظمتها السياسية على اختلاف أنواعها ؛ خاصةً وأن الحوار مع الغرب لم يحقق المرجو منه – منذ أن بدأ التفكير في إقامته – ، سواء كان التقارب وتحقيق التعاون بين الشعوب ، على أسس من المشاركة وليست المغالبة ، أو تمهيد الطريق نحو التفاهم بين حكومات العالم شرقه وغربه ؛ ذلك الفشل الذى يعود – من وجهة نظر الباحث – إلى الخوف المتبادل بين المسلمين ؛ وخوفهم من الإمبريالية الغربية ، وسعيها الدءوب للسيطرة على مقدرات البلاد الإسلامية من خلال تفتيت كياناتها ، حتى يسهل السيطرة عليها ، وفرض السياسات التى تحقق مصلحة البلاد الغربية وحدها ، وبين خوف الغرب من الإسلام ؛ أو (الخطر الأخضر) كما أسماه على غرار الخطر الأحمر ؛ وهى الشيوعية قبل سقوطها
نضف إلى ذلك ؛ أن العالم الإسلامي بصفة عامة ، والعالم العربي بصفة خاصة ، يمران بفترة هي بحق من أصعب الفترات التاريخية وأقلقها – وذلك منذ أحداث سبتمبر وحتى الآن ، وما فرضته من صورة سيئة للإسلام وللمسلمين ، فضلاً عن الهجوم التاريخى على الإسلام منذ ظهوره وحتى الآن – ، تمخض عنها تحديات تتطلب من الجميع ؛ التكاتف وبذل الجهد لتوضيح صورة الإسلام السمحة ، وتنقيته من كل الادعاءات والتهم الملفقة ، والتي من كثرة ترديدها ، علقت بأذهان الجهلاء – عن قصد أو غير قصد – بالدين الإسلامي وقيمه ومبادئه الإنسانية
وعلى الرغم من أن الإسلام بدستورية (القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة)، ومعتنقيه، ليسوا في موقف المتهم الذي يحتاج إلى من يدافع ، إلا أنه في حاجة إلى من يوضح ما يحمله الإسلام من حقائق ، تهدم تلك الافتراءات والاتهامات ؛ وخاصةً الحقائق العلمية التي يؤمن بها الغرب دون غيرها
لذلك ؛ تأتى أهمية الاهتمام بالدين الإسلامي كعلم إلى جانب العقيدة ، من دوره كرد حقيقى وفعال ضد الهجمات الشرسة للنيل من الإسلام ، بالتشكيك فيما جاء به القرآن الكريم ، والسُنة النبوية المطهرة ، بالإضافة إلى وصم معتنقيه بتهم الإرهاب ، والبربرية ، والتخلف ، وإهدار حقوق الإنسان
أيضاً كرد حقيقى ضد العولمة ؛ التى يقصد بها تحولات تدعو إلى قولبة العالم ، وصبغه بالصبغة الغربية ؛ بهدف الاستفادة من الدول التى لا تستطيع مواكبة العولمة ، أو السير في ركابها ؛ والتى تؤدى فى النهاية ، أو يجب أن تؤدي إلى تهميش الجانب الدينى ، وفصله عن كافة المجالات الحياتية
إن محافظة الإسلام على حقوق الإنسان ، وعلى قيم التسامح والتعايش بين أفراد المجتمع الإنسانى ، على سبيل المثال ؛ لهو خير دليل على رقى هذا الدين ، وعظمته النابعة من عظمة المولى عز وجل ، الذى بعث نبيه الكريم (صلى الله عليه وسلم) بدين الحق ليظهره على الدين كله ، ونحن لا نبالغ ، ولا نعيش فى حالة من التعصب الأعمى للدين الإسلامى ، بل هذا ما أثبته العلم الحديث فى كافة المجالات ، وكل اكتشاف جديد ؛ هو بمثابة دليل جديد على حقيقة الإسلام ، ومنها ما جاء به علم النفس من تفسيرات للسلوك الإنسانى ، جاء بها القرآن الكريم منذ مئات القرون ، متحدثاً عن سلوك الإنسان ، وما وراءه من دوافع فطرية غريزية، وغير فطرية (مكتسبة)
كما اهتم الإسلام الحنيف بنوع آخر من الحقوق ، لم يلتفت إليها مبدعى إعلانات حقوق الإنسان ومواثيقها ، ألا وهو (حقوق الإنسان النفسية) ، التى أولاها الإسلام عناية لا تقل عن عنايته واهتمامه بحقوقه المادية الملموسة ، ولأن خالق الإنسان يعلم طبيعة احتياجاته المادية ، ويعلم ما توسوس به نفسه ، كان التوجيه بالاهتمام بحقوق الإنسان بشقيها المادى والمعنوى ، ليكون هذا الاهتمام دليلاً آخر، يضاف إلى الأدلة الكثيرة والمتعددة على وجود الخالق ، وأن الإسلام حق ، والنبى المرسل حق ، فهو لا ينطق عن الهوى ؛ إنما هو وحى يوحى ، لنعيم البشرية وراحتها
تلك الحقيقة التى وفق الله سبحانه وتعالى ، الباحث فى الوصول إليها ، تثبت بالدليل القاطع ؛ أن الأخذ بما جاء به الإسلام فيما يتعلق بحقوق الإنسان ، هو السبيل الوحيد لراحة البشرية ، ليس لأننا كمسلمين نعتنق الإسلام وندافع عنه فحسب، بل بالبحث والدراسة خلص الباحث إلى أن الدين الإسلامى بشرائعه ، هو الأنسب لكل دول العالم رغم تباينها الدينى ، والقيمى ، والأخلاقى ، فهو دين عالمى أرسل للناس كافة
وجدير بالذكر؛ أن وصم الإسلام بتهم غير حقيقية تم تلفيقها عن قصد ، أو ترديدها دون قصد ؛ إنما يعود في الأساس إلى أسباب عدة ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: التغييب المتعمد للشعوب الغربية عن حقيقة الإسلام من قِبَل قياداتها ، بهدف تنفيذ مخططات تم إعدادها لتفتيت الكيانات الإسلامية في العالم أجمع ؛ وبصفة خاصة فى الوطن العربي ـ عاصمة الإسلام فى العالم ـ ؛ ودليلاً على ذلك كما ذكرنا ، وصف الإسلام بالخطر الأخضرعلى غرار الخطر الأحمر، ذلك المصطلح الذي نُعِتَت به الشيوعية قبل سقوط معقلها ، لتنفرد الولايات المتحدة الأمريكية بإدارة العالم
ويرى الباحث ؛ أن ذلك كله ، إنما يرجع في الأساس إلى معرفة القيادات الغربية بقوة الإسلام كعقيدة وحضارة ، تستطيع أن تجمع الملايين من المسلمين الذين لا هم لهم سوى النصر، أو الشهادة – في حالة التعرض لعدوان – . أما غير ذلك ؛ فالإسلام يدعو إلى السلام والتعايش بين الناس فى محبة ، وأيضاً كفكر ثابت لو نشر كما جاء بموضوعية بعيدة عن المغالاة والتشويه ، لآمن به الكثير والكثير، ومنهم من عادوا الإسلام واستساغوا تشويهه والافتراء عليه
كما يرجع ذلك أيضاً الى التغييب الذاتى للمسلمين الذين ابتعدوا عن تعاليم الإسلام ، وأخذهم التقليد الأعمى للغرب بدعوى المدنية والتحضر، وأصبح الهجوم على الإسلام من المسلمين أنفسهم ؛ هو البوابة الذهبية للشهرة والمجد والحصول على لقب مفكر مستنير!!، بالإضافة إلى أن بعض الدعاة الجدد ، الذين أعطوا – للأسف – صورة سيئة عن الإسلام والمسلمين ، من خلال دروسهم وخطبهم ، والفتاوى التى تبث الكراهية للغرب حكومات وشعوب، وقد قدم ذلك فرصة ذهبية لحكام الغرب وحكوماتهم لتضليل شعوبهم ، وزرع الكراهية فى نفوسهم تجاه الإسلام والمسلمين ، وهذا ما يمثل العقبة الأكبر أمام إقامة حوار مع الغرب يحقق المراد منه
لذلك ؛ فإن العالم الإسلامى فى أمس الحاجة إلى المزيد والمزيد من الأبحاث العلمية ، التي تلقي الضوء على الإسلام كعلم إلى جانب العقيدة ، التى لا يؤمن بها الغرب الذي يعتنق العلم إلى جانب عقيدته الدينية ، ولهذا فبالعلم سوف نغير نظرة أعداء الإسلام ، التى ستأخذهم الى حالة من التفكر، ثم الاعتقاد ؛ فالإيمان بما جاء به الإسلام ، وأنه حق من عند الله ، أوعلى أقل تقدير محو الصورة السيئة التي تم زرعها ورعايتها من قِبَل أعداء الإسلام ، فأنبتت الخوف ثم الكراهية فيما يعرف (بالإسلاموفوبيا) ؛ مما يتيح إقامة حوارمع الغرب يقوم على قيمة التعايش السلمى الغائبة عن واقعنا المعاصر
وللحق ؛ فإن الشعوب الغربية ليست من التكبر الذى يجعلها ترفض فكر، أوعقيدة ، أو دين لمجرد الرفض ؛ إنما تكمن المشكلة فى كيفية وصول صورة الإسلام الحقيقية ، فى ظل التعتيم والتغييب الغربى لها ، وسوء عرض بضاعتنا عليهم ، من خلال الصورة السيئة التى رسمناها كمسلمين ، وتم الأخذ بها للحكم على الإسلام من قِبَل الحكومات المعادية له ، ليشوهوا صورته ؛ ومن ثم تثبيت تلك الصورة المشوهة فى أذهان شعوبهم
إن شغف الشعوب الغربية بالمعرفة ، لهو العامل الأساسي الأول في تغيير تلك الصورة، والرد على الإتهامات الزائفة ، عن طريق بذل العالم الإسلامى أقصى ما لديه من مجهود ، حتى يصل الإسلام بصورته الحقيقية إليهم ، عن طريق الاستخدام الأمثل للوسائل الحديثة في مجال الاتصال ، وأهمها شبكة الإنترنت ، بعمل مواقع إليكترونية بلغة شعوب الغرب ، نبين من خلالها روح الإسلام السمحة ، وتقديم مجهودات العلماء من المسلمين والمستشرقين ، كذا التوسع فى ترجمة ونشر الأبحاث العلمية التى تؤكد الإعجاز العلمي في القرآن ، وإثبات سبق الإسلام بدستوريه القرآن الكريم والسُنة النبوية المطهرة للعلم والعلماء ، في كشف حقائق الكون منذ ما يزيد عن أربعة عشر قرناً من الزمان ، وتقديم صورحقيقية للدين الإسلامى تؤكد على عالمية هذا الدين ورقيه ، من خلال ما قدمه من حلول لمشكلات مازال العالم يعانى منها حتى الآن ؛ وهذا ماحاول الباحث تقديمه من خلال هذا الكتاب
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.