تعتبر الخصومة وسيلة ممارسة النظام القضائي لإعمال القضاء, فطبيعة عمل القاضي، تقضي وجود خصومة قضائية، فهو لا يمارس عمله إلا من خلال الدعوى، وبناءا على طلب، من احد الخصوم، لهذا كانت الخصومة وسيلة تمارس فيها الدولة سلطتها القضائية
فالخصومة القضائية كما يعرفها الدكتور وجدي راغب عبارة عن مجموعة من الإجراءات المتتابعة والتي يقوم بها الخصوم أو ممثلوهم والقاضي وأعوانه , وتبدأ بالمطالبة القضائية وتنتهي بصدور حكم وهو غاية الخصومة
فإذا كانت الغاية التي تسعى الخصومة القضائية إلى تحقيقها هي الحصول على حكم تنتهي به، إلا أن الواقع يشير إلى أن هذه الغاية قد لا تتحقق في بعض الأحيان نظراً لحدوث أسباب من شأنها تنهي سير الخصومة، ومن هذه الأسباب التي تنهي الخصومة، إسقاطها، أو سقوطها ,ويقسم الإسقاط والسقوط إلى مؤقت لا يحول دون تجديدها ولا يسقط الحق الموضوعي، ويستطيع الخصوم الرجوع على الخصومة المسقطة وتجديدها وبالتالي السير بها من النقطة التي وصلت إليها
أما الإسقاط النهائي فهو الذي يؤدي إلى زوال الخصومة بأثر رجعي، ويعود الخصوم إلى الحالة التي كانوا عليها قبل الخصومة، ولا يؤدي هذا الإسقاط إلى إسقاط الحق الموضوعي إلا انه يحول دون تجديد الخصومة، إلا بإقامة خصومة جديدة للمطالبة بالحق
وتعود أهمية هذه الدراسة إلى أن هذا الموضوع من المواضيع الأساسية في الخصومة القضائية ومن المواضيع التي تثير إشكاليات عملية كثيرة انطلاقاً من أن الخصومة هي أساس المطالبة بأي حق أمام المحاكم
وتظهر أهمية هذا الموضوع بشكل جلي نتيجة للإشكالات القضائية بسبب الثغرات والنقص في نصوص قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني التي تعالج هذا الموضوع، كما أن الموضوع له مساس بشكل مباشر بحقوق الخصوم
أما مبررات اختيار الكتابة في هذا الموضوع , فهو قلة الدراسات التي تناولت الموضوع بشئ من التفاصيل، وعدم وجود نظرية متكاملة لسقوط وإسقاط الخصومة في قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني , بحيث وردت النصوص المتعلقة بذلك في مواد مبعثرة ,ومن المبررات كذلك عدم تناول المشرع الأردني لأثار الإسقاط والسقوط سواء كان مؤقتاً أو نهائياً إلا من خلال نص وحيد هو نص المادة (126) من قانون أصول المحاكمات المدنية رقم (24) لسنة 1988
ومما دفعني للكتابة بهذا الموضوع هو معرفة الآثار المترتبة على السقوط والإسقاط المؤقت أو النهائي، وما هو الفرق بينهما، و مدى تأثير ذلك على الحق الموضوعي، وكذلك عدم تطرق المشرع الأردني لسقوط الخصومة الذي تطرق إليه المشرع المصري في قانون المرافعات المدنية والتجارية في حال ركود الخصومة لمدة تزيد على ستة أشهر والحاجة إلى استجماع كافة حالات إسقاط وسقوط الخصومة لتقديم دراسة معمقة وافية حول الموضوع
أما إشكالية هذه الدراسة
- ما هي حالات إسقاط الخصومة وسقوطها المؤقت والنهائي, والآثار المترتبة على كل
منهما
- هل التنظيم القانوني لإسقاط وسقوط الخصومة في قانون أصول المحاكمات المدنية كافياً، ومحيطاً بالموضوع من كافة الجوانب
- هل نظم المشرع الأردني حالات سقوط الخصومة بقوة القانون، وهل يتطلب ذلك صدور حكم قضائي
- الغاية التي شرع من اجلها الإسقاط
منهجية الدراسة
إن طبيعة التساؤلات أعلاه تقتضي استخدام المنهج التحليلي لنصوص قانون أصول المحاكمات المدنية الناظمة لهذا الموضوع مع الوقوف على بعض الأحكام القانونية الواردة في قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري التي خلا منها قانون أصول المحاكمات المدنية بغية إظهار مدى أهميتها ، وكذلك مدى تصدي الاجتهادات القضائية لمعالجة الثغرات القانونية في هذا القانون
وقد تناولت هذا الموضوع وقسمت دراسته على مقدمة و ثلاثة فصول, الفصل الأول تناولت فيه ماهية الخصومة القضائية وطبيعتها والمبادئ التي تقوم عليها، و ماهية إسقاط الخصومة القضائية، والاعتبارات التي تقوم عليها ، وكذلك خصومة محاكم الدرجة الأولى والثانية ومحكمة التمييز ومبررات إسقاط الخصومة و في الفصل الثاني تناولت حالات إسقاط وسقوط الخصومة أما الفصل الثالث فتحدثت فيه عن أثار إسقاط وسقوط الخصومة المؤقت والنهائي بالإضافة إلى الخاتمة
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.