تعد الصناعة نشاطاً اقتصادياً قادراً على تأمين احتياجات السكان في الكم والكيف ، فضلاً عن حجم الوفورات الاقتصادية والمجتمعية الممكن خلقها في بيئات توطنها . وحجم الترابطات الأمامية والخلفية للنشاط الصناعي في باقي النشاطات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى. مما يسهم في احداث تغييرات جذرية مهمة في جغرافية بيئات توطنها باعتبارها حجر الزاوية لأي تطور اقتصادي هادف ، وترتيباً على ذلك فقد حظي النشاط الصناعي بمكانة متميزة في اقتصاديات الدول المتقدمة والدول النامية بسواء ، وغدت مسألة تنمية القطاع الصناعي في مقدمة مهام التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، لذلك أصبحت المحور الرئيسي لمفكري ومخططي اقتصاديات الدول المتقدمة منذ مطلع القرن العشرين وتفهم الاهتمام بشكل ملفت للنظر مع مطلع القرن الحادي والعشرين بشكل ثورة المعلوماتية وبروز ظاهرة العولمة .
ونظراً لتشعب النشاط الصناعي وتداخلاته العديدة مع الاختصاصات العلمية والهندسة المختلفة فقد حظي باهتمامات علم الهندسة والاقتصاد والادارة والاجتماع والجغرافيا بخاصة في الدول المتقدمة ، برز للنور العديد من الأبحاث والدراسات .
وتجسيداً لهذه المكانة وتمشياً مع حيوية علم الجغرافيا وتقنيات المعلوماتية المعاصرة أولى الجغرافيون في بلداننا أهمية لهذا التخصص : جغرافية الصناعة ، فانسابت العديد من الأبحاث والدراسات لنخبة متميزة في هذا الحقل من الاختصاص ، فكان منهم رواداً نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر أ . د. محمد محمود الديب ، و د. عايدة بشارة ،
و د. فؤاد الصقار، ومؤلف هذا الكتاب .
وقد تباينت الدراسات المنشورة كماً ونوعاً ، ويأتي هذا الجهد ـ كما سبقه ـ ليسد فراغاً بمكتبتنا الجغرافية العربية تحديثاً واضافات جادة للمؤلف، وبذلك يجسد هذا الكتاب ثمرة جهده وخبرة تخصصية دقيقة في مجال النشاط الصناعي (جغرافية الصناعة) دامت نحو أربعين عاماً ، تكللت بالعديد من الأبحاث التخصصية والمنشورة خارج العراق وداخله ، والعديد من رسائل الماجستير والدكتوراه في الجغرافيا والأقتصاد بسواء ، فضلاً عن العديد من الكتب في مجالات هذا التخصص .
فكانت الخبرة التخصصية التراكمية والبيانات الوثائقية للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والمنظمات الدولية المتنوعة القاسم المشترك لمعطيات هذا الكتاب ، الذي سعى أن يكون أحدث البيانات حجر الأساس بمختلف تحليلاته ، فضلاً عن المعطيات الأخرى .
وعليه ، فقد جاء هذا الكتاب ببابين واثنا عشر فصلاً ستة منها في الباب الأول والباقي في الباب الثاني . انفرد الباب الأول بدراسة جغرافية الصناعات التحويلية بدءاً من منهجية البحث ووسائله المعلوماتية الحديثة مروراً بتحليل نظريات وعوامل التوطن الصناعي ومقومات الموضع والمرتكزات الرئيسة للتخطيط الصناعي واختتم بدراسة استراتيجيات التنمية الصناعية وظاهرة العولمة.
أما الباب الثاني فقد تخصص بجغرافية الصناعات الأستخراجية
( التعدينية ) بدءاً من منهجية البحث فيها ، مروراً بتصنيفات المعادن المختلفة : معادن الطاقة والمعادن الثقيلة والمعادن الخفيفة ومعادن السبائك ومعادن المخصبات والمعادن الثمينة .
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.