قدر للإنسان أن يدفع من بدنه وصحته ثمن الرقي والتقدم العلمي – الصناعي، الذي ينعكس تلوثا في الهواء والغذاء وانتشارا للغازات السامة والإشعاعات القاتلة في الأرض والجو والبحر، وأمراضا قاتلة وآلاما وعذابا تقض مضاجع الآمنين.
ودرءا لهذه المآسي وحربا على الداء المستفحل فان العلماء يشحذون الهمم ويبحثون ويختبرون توصلا لابتكار الدواء لكل داء.
البيئة هي قضية اليوم، إذ تؤثر على صحة الإنسان في القرية، المدينة، الطريق، المصنع والحقل. البيئة هي قضية المستقبل إذ تؤثر على الموارد الطبيعية كالأرض وخصوبتها، الهواء ونقاءه والمياه وما فيها من ثروات أحيائية، وليس الاهتمام بقضايا البيئة ترفا يقصد به صون جمال ما حولنا ونقائه ولكنه اهتمام يتصل ببقاء الإنسان وصحته وإنتاج موارده وبمسئولياته تجاه الأجيال القادمة.
يعتبر التلوث من أهم مخاطر العصر التي تهدد كرتنا الأرضية ولا بل حياة الكائنات الحية كافة والإنسان خاصة، لذا كان لا بد من دراسة مسببات هذا التلوث للقضاء عليه أو السيطرة على مصادره من خلال الدراسات المعملية والميدانية التي تعتبر المصدر الوحيد لإضافة الجديد من المعلومات إلى هذا الطراز من العلوم ولا شك أن هذه الإضافات العلمية الجديدة هي ثمار جهد أيادٍ قد دربت تدريبا معمليا وميدانيا على أساس علمي سليم أكسبها خبرة ومرانا، ولما تحتله الدراسات المعملية والميدانية من مكانة بالغة الأهمية في العلوم الحياتية ومنها العلوم البيئية في إتاحتها المجال للأستاذ،الباحث والطالب من تأدية مهامه على أحسن وجه تمشيا مع متطلبات العصر الحديث من التقنية والعلمية. لذا، وضعنا هذا الكتاب المتواضع بفصوله الثمانية كمحاولة لتغطية دراسة مصادر التلوث للهواء والماء وعناصرهما المختلفة من كافة جوانبها من طرق جمع، طرق تحليل، وبالتالي إعدادها للدراسات المعملية والميدانية لمعرفة تراكيبها الدقيقة، ومكوناتها الأساسية للسيطرة عليها.
كما يحتوي هذا الكتاب على صور توضيحية للمساعدة على الاستفادة إلى أقصى حد ممكن إلى جانب شروحا تفصيلية لطرق إعداد وعمل بعض الأجهزة والأدوات المعملية والميدانية بحيث يمكن استخدام هذا الكتاب في كليات العلوم بمراحلها المختلفة ومعاهد ومراكز الدراسات البيئية والهندسية والعلوم المتعلقة بها.
مختتما ما بذلناه من جهد متواضع بالدعاء إلى الباري عز وجل أن نكون قد وفقنا في إعداد هذا الكتاب، آخذين بعين الاعتبار الملاحظات القيمة التي يبديها الأستاذ الفاضل، الباحث والطالب الكريمين خلال مراحل الدراسة والبحث المختلفة.