إن الدارس للتاريخ المغاربي الحديث والمعاصر وما لحقه من ظاهرة استعمارية، يدرك بأن الأخيرة كانت ملزمة باستبدال وتطوير مفاهيمها وأشكالها، لتبرير وجودها وحضورها لدى بلدان المغرب العربي وفق عناصر تتعلق بالهوية والمقومات الدينية واللغوية والثقافية، كونها تشكل حافزا لتجديد وجود الاستعمار وضمان استمراريته لدى بلدان المغرب العربي عموما والجزائر خصوصا .
إذ أنه لا يمكن فهم وإدراك ظاهرة الاستعمار بمنأى عن الظروف والوسائل والأساليب التي لخصها أحد المنظرين الاستعماريين (لوبان ترون)، بأن الهدف الحقيقي للاستعمار هو الإسلام، الذي يعتبر الخيط الناظم لعلاقة بلدان المغرب العربي ببعضهم من ناحية، وعلاقتهم بالمشرق العربي من ناحية أخرى، ولكونه يشكل وجودا ثابتا لا يتغير بتغير المؤثرات والمتغيرات، وعليه فإنه يكمن فهم الأسلوب الاستعماري الاستيطاني الذي خصّت به الجزائر على غرار الأقطار الأخرى في سياق يقوم أساسا على طمس الهوية واستئصال مقوماتها وثوابتها الرئيسية .
ولذا فإننا نجد بأن السياسة الفرنسية عمدت إلى تحقيق ذلك لأنها علمت بأنه لا يمكن للعالم والمتعلم أن ينقاد إلا بتعطيل عقله، فلجأت إلى إبعادهم عن المعرفة مستندة في ذلك إلى مقولة ابن خلدون الشهيرة في كتابه المقدمة : ” إن المغلوب مولع أبدا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده … “([1]) فكان أن شرعت في خطواتها الأولى إلى غلق الدور والكتاتيب الإسلامية وتشديد الرقابة على المساجد وتحويل أخرى إلى كنائس ومتاحف، والاستيلاء على أموال الأوقاف…
ومن جهة أخرى سعت إلى توجيه التعليم وفق ما تقتضيه مآرب سياستها، وبما يخدم مشروعها الاستيطاني، وذلك من خلال تكريس التجنيس وخلق فئة تكون من ضمن المشروع الفرنسي خاضعة لإملاءات الدولة الأم .
كما نجد أن المحتل سعى في مرحلة من مراحل سياسته إلى جعل المدرسة الجزائرية وسيلة مثالية لتجريد الشعب الجزائري من شخصيته العربية الإسلامية تدريجيا، ولمّا كانت العقبة الكبرى التي تقف في وجهه هي اللغة العربية فقد حاربها بكل الأشكال والوسائل، كما حاول الحط من قيمتها وإظهارها على أنها لغة سيئة وليست لغة حضارة وتقدم، وهكذا حتى يتضاءل شأنها، وتهون مكانتها ويسقط اعتبارها كعنصر من عناصر الشخصية الجزائرية التي يحرصون عليها، فلا تكون بذلك موضع اعتزاز ، بل سمة من سمات الضعف والهوان.
ففرضت مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين الكثير من القوانين التي كانت ضربا من ضروب العنصرية والوحشية إذ بموجبها منعت التجمعات العامة والحج إلى بيت الله الحرام، وطبقت العقوبات الجماعية، إلى أن أقرت فرنسا قانون التجنيد الإجباري عام 1912م، مما جعل الكثير من الجزائريين يغادرون وطنهم زرافات ووحدانا، بحثا عن مواطن آمنة، فتوجه بعضهم إلى تونس والمغرب، وآخرون إلى مصر، بينما توجه البعض الآخر إلى الشام والحجاز وفضل بعضهم الاتجاه إلى فرنسا، والواقع أن حركة الهجرة لم تكن وليدة القرن العشرين وإنما تعود إلى الفترات الأولى من الاحتلال .
وبالرغم مما وصل إليه الواقع الجزائري كنتيجة للسياسة الاستعمارية من تأثير في جوهر شخصيته وهويته بسبب الجمود الفكري وشلل التواصل الثقافي، إلا أنه مع بداية القرن العشرين بدت ومضات الإصلاح تلوح في الأفق من جديد، وتبشر بطلائع نهضة وطنية اقتبست رؤاها من رصيد ثقافي وفكري تناقلته الجزائر عبر أجيال حبكت تصوراتها من بريق رحلاتها وهجراتها المغاربية والمشرقية، ولعل أبرز ثمارها تمثلت في وصول التأثيرات المشرقية، وعودة المصلحين من الجامعات العربية كجامع الزيتونة الذي تتلمذ فيه الشيخ عبد الحميد بن باديس رائد النهضة الوطنية، والشيح محمد سعيد الزاهري، وعبد السلام القسنطيني والشيخ الطاهر الوغليسي الجزائري رائد النهضة في الشام …
أهمية الموضوع :
من خلال ما سبق بدت لي أهمية الموضوع تكمن في التأريخ لهذا الجانب المهم من الحركة الوطنية، والإشارة إلى أثر التواصل القيمي الذي كان يتم بين العلماء والطلبة الجزائريين وغيرهم من رواد الفكر والإصلاح، المتنوعة مشاربهم و المؤتلفة تصوراتهم والمتباينة حواضرهم، ومدى تأثيرهم على بوادر الإصلاح والتجديد في الجزائر من خلال التواصل الذي كان يتم في إطار الرحلات العلمية، وظهر هذا جليا من خلال الأوساط الثقافية التي تبنت الحركة الإصلاحية، خاصة في ظل وجود نخبة مثقفة كانت متحمسة للوطنية والأصالة، معادية للتغريب، وذلك عن طريق التدريس في المساجد وفتح المدارس والكتاتيب وتأليف الكتب والاشتغال بالصحافة وهذا لإعادة بعث اليقظة العربية الإسلامية في الجزائر .
أسباب اختيار الموضوع :
على اعتبار أن هذه المرحلة شهدت زخما وفيرا في أبعادها السياسية والثقافية، كما مثلت مرحلة جوهرية في مسار النضال الوطني الجزائري، فكان هذا دافعا مهما في حد ذاته لاختيار موضوع الرحلات العلمية وأثرها على الحركة الإصلاحية الجزائرية في النصف الأول من القرن العشرين، هذا بالإضافة إلى أسباب أخرى أبرزها :
- الدور البارز الذي أدته الحركة العلمية والإصلاحية في مسيرة النضال الوطني من ناحية والنضال المغاربي من ناحية أخرى .
- خصوصية السياسة الاستعمارية التي استخدمتها إدارة الاحتلال لضرب الهوية والشخصية الجزائرية الإسلامية كعنصر مهم وفعال لتحقيق المشروع الإستطاني .
- التلاحم العلمي والثقافي بين مختلف الحواضر العلمية، المغاربية منها أو المشرقية وتأثيرها على رجال الحركة الإصلاحية الجزائرية من خلال نشاطهم ومجهودهم في بعث اليقظة العربية الإسلامية .
- أثر العنصر الجزائري في الساحة المغاربية و المشرقية سواء في الحواضر العلمية الثقافية أو في الساحات السياسية وامتدادها للحركات الوطنية المغاربية والمشرقية .
- شغفي للمساهمة في التأريخ لفترة مهمة من فترات التاريخ الوطني, والتي كانت حبلى بالتحولات السياسية والثقافية والاجتماعية, وما شابها من تطورات في الساحة الداخلية والخارجية.
إشكالية البحث
لقد كانت نقطة البحث الأساسية التي حاولت الانطلاق منها من خلال هذه الدراسة، هي الإشارة إلى مدى فاعلية الجانب الثقافي و العلمي في الحركة الوطنية الجزائرية، في ظل بروز رؤى ترى عدم جدوى الحراك الإصلاحي في المسيرة النضالية، فإلى أي مدى بعثت الحركة العلمية و الإصلاحية الروح النضالية الوطنية ؟
- وفيم يكمن الدور الذي لعبته الرحلات العلمية في مجابهة السياسة الاستعمارية الفرنسية؟ وكذا بعث أفق النهضة الجزائرية الحديثة ؟
- والى أي مدى كانت الرحلات العلمية قاعدة للبناء النهضوي وأفقا للنضال السياسي؟ ثم العسكري فيما بعد ؟
- وفيم تكمن أهميتها ومقاصدها ؟
- وفيم تجلت آثار الرحلات العلمية في الحركة الإصلاحية والوطنية ؟
- وكيف كان موقف الاحتلال من نشاط هذه الرحلات وتداعياتها على سياسته الاستعمارية ؟
مناهج البحث
للإجابة على التساؤلات سالفة الطرح، بما يضمن الإلمام بجوانب الموضوع وبنسق كرنولوجي، ارتأيت الاعتماد على المنهج التاريخي من حيث تتبع الأحداث في سياقها الزمني والتسلسلي، والذي شمل اغلب مراحل البحث، والمنهج التحليلي وذلك من خلال تحليل بعض الحقائق بقدر من الموضوعية المتاحة، سواء ما تعلق بالبحث عن الأسباب أو تحديد التفسيرات أو تعليل الأحداث والتأثيرات للوصول إلى استنتاجات عسى أن تضفي صفاء على ما كدر من غموض خلال هذه المرحلة.
خطة البحث
نظرا لما أملته علينا الإشكاليات و التساؤلات سابقة الذكر اقتضت طبيعة الدراسة أن تشتمل ثلاثة فصول :
تناولنا في الفصل الأول ماهية الرحلات العلمية وذلك من خلال التعريج على مفهوم الرحلة عموما والرحلات العلمية على وجه الخصوص، و عوامل ظهورها التي تنوعت بين الدوافع العلمية والدينية ومحاولة ربطها بالواقع الجزائري قبل القرن العشرين، مع الإشارة إلى أهم مقاصدها التي كانت تخضع في أغلب أحوالها إلى الظروف و الأوضاع التي آلت إليها الجزائر جرّاء الاحتلال، الذي هزّ أركان الحياة العلمية للجزائر بعد أن كان المجتمع الجزائري على قدر مهم من الوعي والثقافة، ويظهر هذا من خلال مراحل التعليم الذي كان يتداول عليه أبناء الجزائريين من تعليم ابتدائي وتعليم عالي تشرف عليه المساجد و الزوايا، فكان لا بد من الإشارة خلال هذا الفصل إلى طبيعة السياسية الاستعمارية الفرنسية تجاه الجزائر على وجه الخصوص في المجال الديني والعلمي والثقافي، كالتشكيك في الإسلام ومصادرة أملاك الأوقاف و محاصرة اللغة العربية، وكلها أساليب اعتبرت عاملا مهما في بذل الرحلات والبعثات نحو وجهات مختلفة، لتحمل أثناء عودتها إلى الوطن ملامح نهضة حيكت خيوطها مع بداية القرن العشرين وبشكل جلي مع الرحلات العلمية الجزائرية .
وتطرقنا في الفصل الثاني للرحلات العلمية الجزائرية مع بداية القرن العشرين و من خلاله أشرنا إلى الوضع التعليمي والثقافي للجزائر ومدى مساهمة هذا الواقع في بعث الروح الوطنية بمختلف الوسائل إما عن طريق المدارس العربية، سواء من خلال التعليم العربي الحر أو التعليم المسجدي والمدرسي، أو من خلال البعثات العليمة التي أضحت حلقة مهمة من حلقات التعليم في الجزائر في بداية القرن العشرين، في ظل ما مورس من سياسة القهر والتسلط والتجهيل و التعتيم داخل الوطن، فكان لابد من التواصل مع مختلف الحواضر التي يمكن أن تحقق الغاية المنشودة .
كما احتوى هذا الفصل مبحثا يتناول الرحلات العلمية نحو تونس والمغرب، وذلك لما لهما من ارتباط جغرافي وتاريخي بالجزائر، وكونها حاضرتان حاضنتان لمختلف الرحلات الجزائرية، ولقد كانت تونس وجامعها الزيتونة المقصد الأول للرحلات العلمية الجزائرية وهذا لأهميتها بالنسبة للطلبة الجزائريين، كما كانت هذه الرحلات على أضرب، فمنها المنظمة و غير المنظمة، والتي تباينت بين البادسية التي أشرف عليها الشيخ عبد الحميد بن باديس والرحلات الميزابية التي أشرف عليها الشيخ إبراهيم اطفيش ثم الشيخ أبي ليقضان فيما بعد .
أما الرحلات نحو المغرب الأقصى وجامعها القروي فيعتبر هو الآخر وجهة مهمة للطلبة والعلماء الجزائريين، وذلك من خلال استقباله للطلبة ورجال الثقافة عبر فترات تاريخية مختلفة .
وأما ما يتعلق بالمبحث الثالث فقد أشرنا خلاله إلى الرحلات العلمية المشرقية، التي مثلت جسرا حضاريا على مدّ العصور، خاصة في ظل اهتمام المغاربة بكل ما كان يفد من الشرق العربي، وكذا الارتباط الثابت ببعض مراكز العبادة كالعمرة والحج، وهو جعل الكثير من الحواضر ملاذ الطلبة والعلماء الجزائريين لطلب العلم والاستزادة وهم في طريقهم للحج أو العمرة، ومن أهم هذه الحواضر مصر وجامعها الأزهر ذي الشهرة الواسعة حيث استقبل من الطلبة العلماء مطلع القرن العشرين، محمد بن علي السنوسي والمولود الزريبي ومحمد الرزقي الشرفاوي وغيرهم من الذين كان لهم الأثر في استشراف مشروعهم النضالى ضد المشروع الإستطاني رغم اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم، وذلك من خلال ما جمعوه من مآثر جامع الأزهر وشيوخه .
كما أبرزنا خلال هذا المبحث أهمية كل من سوريا و الحجاز بالنسبة لرحلات الطلاب والعلماء الجزائريين إلا أن إضافتنا في هذا المبحث تبقى ضئيلة بالمقارنة بالنشاط الثقافي والحركة العلمية آنذاك، وهذا لقلة ما وقع بين أيدينا من الدراسات والوثائق التي تتناول هذا الجانب المهم .
أما الفصل الثالث والأخير فقد خصص لدراسة أثر الرحلات العلمية في الحركة الإصلاحية الجزائرية، وذلك من خلال إبراز دور العلماء والطلبة الجزائريين في الحركة الإصلاحية الجزائرية التي شملت أصعدة ومجالات متعددة، سواء ما تعلق منها بالجانب الديني أو الثقافي أو الاجتماعي، كتجديد بعض المفاهيم الدينية و تجريدها من الأوهام و الخرافات ومحاربة الطرق المنحرفة ورد الاعتبار إلى مؤسسات التعليم وأدوارها، وكذا مساهمتهم في تنظيم الحياة الاجتماعية وفق مبادئ الدين الإسلامي الصحيح واعتبار ضروريات الحياة المعاصرة، أو إبداء موافقتهم حيال بعض المشاكل التي كانت تشد الانتباه العام آنذاك، وأما في الجانب السياسي فقد بدا أثر العلماء خاضعا للظروف والعوامل السياسية التي كانت تمر بها البلاد كاتسامه بالمرونة والتكيف مع الظروف .
وقد ختم هذا الفصل بمبحثين أشرنا فيهما إلى موقف الأحزاب السياسية و الإدارة الفرنسية من الحركة الإصلاحية الجزائرية التي كان يطبعها التجاذب والتباين كل حسب توجهه و إيديولوجيته، فحاولت إبراز مواقف كل من التيارات السياسية الجزائرية تجاه العلماء الذين كان ينظر إليهم في أغلب الأحيان على أنهم مصلحون اجتماعيون إن لم يكونوا مصلحي دين فقط، وأما موقف الاحتلال من نشاط العلماء والرحلات الطلابية فقد تراوحت بين التدجين والترهيب والاستئصال، وهذا بعد إدراكها لمدى التهديد الذي أضحى جارفا لكل مطامحها الاستعمارية الاستيطانية، بعد رجوع القوافل الأولى من العلماء والطلبة إلى أوطانهم و بروز أثر مساهماتهم في تنوير وتثقيف مجتمعاتهم .
صعوبات البحث
كشأن أي بحث أو دراسة لا تخلو من النقص ولا تجاوز الكمال، فذلك مما يواجه الباحث من العراقيل والصعوبات، وهو يحاول سبر أغوار موضوع من الموضوعات التي قد تكون قليلة التداول والانتشار في الدراسات العلمية أو الأكاديمية، وهو الذي أرقني و أنا أنقب عن الدراسات التي تناولت موضوع الرحلات العلمية بين المكتبات العامة والوطنية، حيث لم أجد ما يشفي غليلي ويصفي كدري إلا ما جمعته من شتات المادة العلمية المتناثرة في المكتبات، وبين الكتب والمجلات والدراسات، حتى ألمّ بأهم عناصره ومختلف زواياه .
والأهم من هذا أن أهم الدراسات التي تناولت موضوع الرحلات وعلى قلتها فقد كانت تتسم وتكتسي جانبا أدبيا وصفيا، وهو ما شكل لي صعوبة في كيفية انتقاء المهم منها وبمنهج و أسلوب تاريخي، وهو ما جعلني استغني على اغلب هذه الدراسات للفارق بين طبيعة الدراسة الأدبية والتاريخية.
ومن جملة الصعوبات أذكر :
- اتساع مجال البحث وذلك من خلال تنوع الرحلات العلمية بالنسبة للعلماء أو الطلبة وعدم اقتصارها على وجهة واحدة، فكثير من العلماء كان مقصدهم أكثر من وجهة واحدة نحو البلدان أو الحواضر، وهو ما شكل صعوبة في تحديد طبيعة رحلاتهم ودراستها .
- قلة المراجع والدراسات المتخصصة التي تناولت موضوع الرحلات العلمية و بالأخص خلال الفترة محل الدراسة، عدا بعض الإشارات المتناثرة التي عكفت على جمعها وتنظيمها في نسق كرنولوجي كمحاولة لوضعها في إطارها العلمي الصحيح وبما يخدم الموضوع .
وصف مراجع البحث:
قد يجد الدارس للتاريخ المغاربي الحديث والمعاصر ما قد يشفي غليله من المؤلفات والدراسات التي تناولت الجانب السياسي على سبيل المثال، وخاصة ما تعلق منه بالحركات الوطنية أو النضالية، أما ما يتعلق بالدراسات التي تتناول الجانب الثقافي والاجتماعي فاعتقد أنها تبقى بسيطة إذا نظرنا إلى ما نزخر به من تراث فكري وعلمي لم يسدل عنه الستار بعد وهذا بغض النظر عن المخطوطات النفيسة التي تبقى هي الأخرى حبيسة المكتبات و الأدراج .
و للإلمام بجوانب البحث اعتمدت على عدة مصادر ومراجع تختلف أهميتها حسب صلتها بالموضوع وهي على النحو الآتي :
المصادر: والمتمثلة أساسا في صحف الجمعية ، وأهمها الشهاب والبصائر واللتان كانتا في مرحلة من مراحل النضال الجزائري همزة وصل بين العلماء والعامة و الأساتذة والطلبة، كما كانتا منبرا فكريا ونقديا وأدبيا للمجتمع الجزائري والعربي على حد سواء، وهذا لجدية مقالاتها وتنوع موادها ووضوح أفكارها، التي جمعت بين أصالة الأمة وحداثة العصر، كما كانت لسان حال العلماء المصلحين الذين ساهموا في إثراء الرحلات العلمية من خلال مجهوداتهم ونشاطاتهم .
المراجع : ومن أهمها سلسلة أبو القاسم سعد الله، خاصة ما تعلق منها الجانب الثقافي كتاريخ الجزائر الثقافي، وكذا مجموعة مقالات الإبراهيمي التي كتبها كافتتاحيات لجريدة البصائر التي ضمنها كتابه عيون البصائر، وكتاب جمعية علماء المسلمين الجزائريين و أثرها الإصلاحي في الجزائر لأحمد الخطيب الذي عنى كتابه بوصف حالة التعليم في الجزائر والوقوف على جوانبه أثناء الاحتلال، وكذا كتاب التواصل الثقافي بين الجزائر وتونس لمحمد صالح الجابري، وكتاب الهجرة الجزائرية نحو بلاد الشام لعمار هلال والذي استفدت منه بما تعلق بالرحلات المشرقية نحو سوريا و مصر، خاصة ما تعلق بالرحلات والبعثات الطلابية نحو الأزهر والوقوف على بعض أحوالهم .
ولقد كان للرسائل الجامعية نصيب وافر من أطروحتنا، ومنها على سبيل المثال: رسالة “الطلبة الجزائريون بجامع الزيتونة ” لخير الدين شترة، التي استفدت منها كثيرا في المبحث الأول من الفصل الثاني، خاصة ما تعلق بالرحلات العلمية نحو تونس، و رسالة “الحركة الطلابية الجزائرية ودورها في القضية الوطنية وثورة التحرير” لأحمد مريوش، التي استفدت منها من خلال الوقوف على بعض الإحصائيات حول بعض التنظيمات الطلابية في البلاد العربية ودورها، سواء في تونس أو المغرب أو مصر، رغم أنها دراسة تركز على النصف الثاني من القرن العشرين لكن هذا لم يكن مانعا من الاستزادة منها وبما يخدم البحث، وكذا رسالة “جامع الزيتونة وأثرها في الحركة الإصلاحية” لرابح فلاحي …
أما المراجع الأجنبية فلم يكن اعتمادنا عليها إلا في بعض الجوانب لعدم حصولي على مراجع تخدم موضوع الأطروحة، فاكتفيت ببعض الإشارات لمن كتبوا عن الحركة الإصلاحية الجزائرية مثل علي مراد و محفوظ قداش وكذا عمار هلال، و هذا بما يخدم دراستنا .
[1]) عبد الرحمان بن خلدون : ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، ج1، مراجعة : سهيل زكار، خليل شحادة ، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت ، 2001، ص 184.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.