يعتبر الاقتصاد الحضري من أهم المواضيع حداثة في معظم دول العالم، ورغم ظهوره في عشرية الستينات، فهو لم يلق الاهتمام في بلادنا العربية إلا مع عشرية الثمانينات وبمبادرات جد محدودة رغم أنه يبحث في مختلف جوانب اقتصاد المدينة والنظام الحضري والفعاليات الاقتصادية التي تحدث به، إلى جانب أهميته في تفسير الديناميكيات الاقتصادية التي تعيشها المدينة في مختلف مكوناتها وبنياتها الأساسية، ونظرًا لهذه الأهمية فقد وُجد الاقتصاد الحضري كقاسم مشترك بين مختلف التخصصات كالجغرافية، والتخطيط الحضري والإقليمي والهندسة المعمارية والاقتصاد وعلم الاجتماع… حيث يتناوله كل تخصص بالدراسة من زاوية تخصصه، إلا أن الجانب التطبيقي يعكس اقتصار دراسة الاقتصاد الحضري على نطاق محدد من قبل بعض الجغرافيين والمختصين في التخطيط الحضري والإقليمي، ويفسر ذلك بوجود بعض المعوقات التي تجعل الكثير منهم يبتعدون عن الخوض في هذا المجال ومنها قلة المؤلفات في هذا الموضوع عدا مساهمة الزميلين عادل عبد الغني محبوب وسهام صديق خروفة في كتابهما الموسوم بـ “الاقتصاد الحضري: نظرية وسياسة” الصادر سنة 2008
وعند تكليفي بتدريس مقرر الاقتصاد الحضري في الدراسة الجامعية لم أجد إلا القليل من الكتب في هذا المجال وبلغة أجنبية، كما أن المتوفر منها لا يتضمن كل ما يجب أن يتعلمه الطالب في هذا المقرر الواسع، وإلى جانب ما يحتاجه الاقتصاد الحضري من دقة في تناوله لغرض الحفاظ على خصوصيته وعدم الانسياق في نطاق لا يتضمن الجوانب الأساسية منه، فكرت مليا في كتابة هذا المؤلف الموسوم بـ “الاقتصاد الحضري” محاولا الإلمام بكل الجوانب الأساسية المتعلقة به متجنبا التكرار، والتي تسمح للقارئ بالتعرف على مفهوم الاقتصاد الحضري وماهيته بين مختلف العلوم والفعاليات الاقتصادية وعلاقته بالبعد الحضري..
يضم الكتاب خمس عشر فصلاً، يتناول الفصل الأول التعريف بعلم الاقتصاد وكيفية ظهوره، بينما يعالج الفصل الثاني علاقة علم الاقتصاد بالعلوم الاجتماعية كالجغرافية والتاريخ وعلم الاجتماع…، أما الفصل الثالث فقد ركز على تطور الأنظمة الاقتصادية منذ نشأة البشرية مرورًا بمختلف الحضارات ووصولاً إلى الأنظمة الاقتصادية الرأسمالية والاشتراكية محاولاً إبراز خصوصية كل نظام اقتصادي على حدى، وفي الفصل الرابع تم التطرق إلى توضيح مفهوم التنمية الاقتصادية وتحليل مؤشراتها ومعايير قياسها، ودور علم الاقتصاد في تحقيق التنمية، ليواصل الفصل الخامس عرض مختلف النظريات التي تعنى بالتنمية كالنظريات الاقتصادية والنظريات الجغرافية لتوضيح البينة المكانية لفرص التنمية الاقتصادية، والتي تظهر بشكل أساسي في الفصل السادس الذي اهتم بإبراز دور المدن في التنمية الاقتصادية مركزًا على مزايا المدن الاقتصادية ووظائفها والقوى الاقتصادية المؤثرة فيها، إلى جانب تحليله لمشكلات التنمية في مدن الدول النامية. كما تناول الفصل السابع تحليل أهمية العوامل الاقتصادية ودورها في نشأة المدن وتطورها من خلال العديد من المتغيرات المكانية المرتبطة بمواقع المدن، إضافة إلى تقييم دور الدولة من خلال سياستها الطوعية وخططها التنموية في نمو وتطور المدن، وفي الفصل الثامن تم تحليل العلاقة بين المدينة الحديثة والاقتصاد الحضري بين التأثير والتأثر، أما الفصل التاسع فقد تضمن تحليل للأساس الاقتصادي للمدن نظرًا لأهميته في نمو وتوسع المدن من المداخيل التي تأتي من خارج المدينة وطرق قياس الفعاليات الأساسية وغير الأساسية باستعراض للعديد من الطرق الوصفية والكمية، ليستمر الفصل العاشر في دراسة التغيرات الاقتصادية وعلاقتها بالتركز والتكتل الحضري، ويركز الفصل الحادي عشر على تحليل الأنشطة الاقتصادية في المدينة وتكلفة الاستخدامات الحضرية، وفي الفصل الثاني عشر تم مناقشة سوق العمل الحضري مع تحليل لحركة الأيدي العاملة والتباين في معدلات الأجور بين مختلف الأنشطة الاقتصادية داخل المدينة، أما الفصل الثالث عشر فقد اهتم بدراسة الأرض الحضرية وقيمتها الاقتصادية والحركية التي تشهدها السوق العقارية مع توضيح لمختلف النظريات المتعلقة بالريع العقاري، كما تناول الفصل الرابع عشر تحليل اقتصاديات السكن الحضري عبر مختلف السياسات الإسكانية مقدمًا مثال عن سياسة الإسكان في دولة عربية (الجزائر)، وفي الفصل الخامس عشر تم دراسة اقتصاديات النقل والطرق المستخدمة في تخطيطه من أجل فاعليته الاقتصادية مع تقديم للتكلفات النقلية والعوائد المرورية للأنواع النقلية
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.