حظيت العلاقة بين السلوك الكلي من جهة، وبحر العقل، وجزيرة المخ الغامضة من جهة ثانية، باهتمام الفلاسفة، والمفكرين، والعلماء من مختلف الميادين المعرفية، وقد تصدّت البحوث، والدراسات الوصفية (أو غير التجريبية) أولاً، والتفسيرية (أو التجريبية)، وشبه التجريبية ثانياً، للكشف عن نوع، ودرجة العلاقة من جانب، والتعرّف إلى ماهيتها من جانب آخر، الأمر الذي أدى في المحصلة إلى بناء جسم معرفي تراكمي منظم، تجسد في رسم خريطة معرفية واضحة المعالم إلى حدٍّ كبير. وبالرغم من تراكم كمية هائلة من النماذج النظرية التي تناولت وصف، وتفسير هذه العلاقة التوأمية، القائمة على التمايز، والتكامل، إلا أنها لا زالت بحاجة إلى مزيدٍ من البحث، والاستقصاء، وذلك من خلال التكامل في الجهود من مختلف الأصول، والمناقب المعرفية.
وتأسياً على ذلك، يأتي هذا الكتاب كمحاولة أولية، تهدف الكشف، والتعرّف إلى طبيعة العلاقة بين أضلاع المثلث (السلوك الكلي، والعقل، والمخ)، وذلك من خلال وصف هذه العلاقة، وتفسيرها من منظور نفسعصبي، والاعتراف، الإقرار، بأن المخ هو بيئة مادية عضوية، وهو بمثابة مطبخ أو مصنعٍ يتم فيه الكشف، والاستقبال، والترميز، والتعرّف، والمعالجة لكل شاردة وواردة بين داخل الجسم، ومن خارجه، إذ لا تحدث صغيرة أو كبيرة، إلاَّ بمشورته، وإشرافه المباشر، وغير المباشر.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.