

صور القدس الشريف في الرحلات المغاربية والغربية
25 د.ا 5 د.ا
القدس مدينة ذات تاريخ تليد ، يجللها طبقة فوق طبقة ، ويتجلى في مستويات آثارية ، ويمتد أكثر من عشر حقب تاريخية رئيسية . والقدس ذات تاريخ موغل في القدم ، ظلت مسرحا للمشاعر الجياشة والنزاعات المريرة . في القدس يشتغل الرحالة الغربي باستمرار لأغراض عديدة ، ونظرا لأهميتها بالنسبة لإرث الأديان الإبراهيمية السماوية الثلاثة ، فقد دثرت القدس الأساطير المحركة للنفوس والمعتقدات الدينية الراسخة ، والاشتياقات العارمة . وقد كان لهذا الإرث أبعاد تاريخية ، ومظاهر طوباوية في آن معا .
وثمة رؤيتان اعتمدها الرحالة ؛ سواء الغربيين أو المغاربة في عرض صورهم عن القدس : عرض أفقي للصورة ، يحاول أن يشمل بنظرة واحدة ، كافة الظواهر والأنشطة ، فيمسها مسا خفيفا بنوع من الوصف الخارجي السريع ، الذي يعطي الملامح العامة البارزة على السطح ، ولا يكاد يتوغل إلى الأعماق للبحث عن التفاصيل والجذور . بينما تقوم الرؤية الثانية على التوغل إلى الأعماق أو العمودي . في هذه الظاهرة أو تلك ، وعبر الصورة ، ومن خلال هذا النشاط أو ذاك . تم تقديم من قبل الرحالة المغاربي أو الغربي مادة غزيرة ورؤية أكثر نفاذا وتمثلا وتصويرا .
والرؤيتان في تشكيل الصورة عن القدس ، في عمومهما ، تكمل إحداهما الأخرى ، وكلتاهما عون للدارس المقارني المعاصر ، الذي يسعى إلى استخراج صورة القدس الشريف ، من بطون هذه الرحلات والمصادر ، تتميز بالامتداد والعمق في الوقت نفسه . ومع ذلك فإن هناك الكثير من الثغرات ، تركت عبر هذه الرحلات المصادر دون سعي جاد لسدها . وهناك مساحات واسعة في هذا الجانب في تشكيل الصورة البانورما عن القدس ، تبقى تنتظر عمن يلقي عليها ضوءا .
ومن ذلك كانت محاولتنا ، تقوم على تجاوز الوصف السطحي السهل للمدينة المقدسة ، إلى الغور في الأعماق ، ومعالجة أمر المدينة الثقافي أو الممارسة الدينية ، أو النشاط العلمي . ومن ثم رأينا متابعة الرحلات ، وهي تصف قطاعات الحياة في المدينة المقدسة ( القدس الشريف ) ، على امتداد العمران والآثار والناس ، من أجل منحها حياة أكثر تدفقا وغنى ، ومن أجل تكوين صورة عن المدينة ( القدس ) أكثر أصالة وامتدادا روحيا ، وأقدر إفصاحا شخصية المدينة ( القدس ) ، أم الحواضر في الماضي والحاضر ، والتركيز على ما هو أكثر ديمومة وخلودا وحضورا في الذاكرة .
إن الرحالة المغاربي ، وهو يدخل القدس يجد محرابا دينيا كبيرا توالت على أرضيته نبوات السماء الكبرى ، ووقف في ساحته الكبرى المباركة أنبياء الله جمعا عليهم السلام يصلون يوم الإسراء ، وراءهم خاتمهم محمد عليه الصلاة والسلام . عن الرحالة المغاربي القادم من أقصى المعمورة إلى المسجد الأقصى ، يرى المواقع والرؤى والمشاهد ، ويتلمس الذكريات العزيزة التي طال شوقه إليها .
أما الرحالة الغربي الأوروبي الأمريكي ، القادم من صقيع وبرودة المادة وحمى الاستهلاك ، ها هو يرحل ويدخل في قلب التجربة وحرارة الإيمان . وجل اهتمامه سينصب على بؤرة واحدة : تراث الأديان العريق . ومن ثم فإنه في رحلته مستعد أن يمنحنا ، ليس فقط الملامح الكلية والقسمات العامة لمعطيات هذا التراث ، بل أن يتجاوزها صوب الدقائق والتفاصيل ، فيحدثنا عن انحناءات الأحرف وتعاريج الكتابة ، وتناظر الزوايا ، وألوان الصخور . في الرحلات المغاربية والغربية ، تبرز القدس في قلب الزائر ، مدينة في القلب من العالم ، تتربع على مكان عال ، فكأنها بذلك تنادي الرحالة والزائرين ، وتفتح صدرها .
تعد القدس الشريف بخاصة من أكثر المناطق التي تضم الكثير من الأماكن الدينية المقدسة للمسلمين . إذ تشمل أماكن دينية هامة ، ففيها المسجد الأقصى وقبة الصخرة ، والمسجد الإبراهيمي في الخليل . كما تنتشر في قراها الكثير من المقامات والمزارات والأضرحة ، وقبور الأنبياء والأولياء والصالحين . وتعد القدس جزءا من العقيدة الإسلامية ، فهي الذاكرة الحية للمسلمين ، وتحتل مكانة هامة من عقيدتهم . وتؤكد هذه المكانة العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، التي تبين مكانتها الدينية وفضائلها . فالقدس مدينة الرسل والأنبياء ، وهي المكان الذي أسري بالرسول عليه الصلاة والسلام إليه ، ومنها معراجه . كما أنها القبلة الأولى للمسلمين ، وفيها المسجد الأقصى ثالث الحرمين ، وهي الأرض المباركة ، وأرض المحشر والنشر .
ويزيد من هذه المكانة الفضائل التي تحدثت عنها الأحاديث النبوية ، منها فضل زيارتها والإقامة فيها ، وفضل الإهلال بالحج والعمرة منها ، وفضل الصلاة والصيام والصدقة والآذان والدفن فيها ؛ وغيرها من الفضائل التي كتب الرحلة والتراث ، وكتب فضائل بيت المقدس . لذا انتقل إليها عدد من الصحابة للإقامة والسكن فيها ، وزارها العلماء والفقهاء والأئمة والمحدثون . ومن هنا غدت مدينة القدس محجا للعديد من الرحالة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، ولا سيما مشائخ العلم والمتصوفة منهم ، الذين وفدوا إليها للتبرك ، نظرا لمكانتها الدينية ، وزيارة ما فيها من أماكن ومشاهد دينية . ولعل من أبرز هؤلاء الرحالة الذين شدوا إليها الرحلة ، رحالة الغرب الإسلامي : أندلسيين ، ومغاربة الأقصى إلى المسجد الأقصى ، ومغاربة الأوسط والأدنى .
وقدمت الأعمال الفنية واللوحات التشكيلية ، التي تناولت ( القدس ) ، صور للحياة اليومية للرحالة الغربيين والرسامين السكان في الأراضي المقدسة : حجاج متحلقون حول الصخرة المقدسة تحت القبة الصخرة ، وعابرون بثياب تقليدية شرقية في أزقة المدينة العتيقة ، ورعاة بماشيتهم حول عيون المياه ، ونساء يحملن أطفالهن يهبطن أدراج المدينة ، وقوافل تصل تخوم المدينة وأخرى تغادرها .
كانت رحلات الغربيين إلى القدس ، أو زوار بيت المقدس ، أغزر من سواها علما وثراء بالمعلومات ، عن ما وصل إليه العالم الإسلامي ، أو بلاد الشام وفلسطين والقدس ، من حيث النمو العقلي والرقي الاجتماعي . كما أن هذه الرحلات تصور العلاقات بين المفادسة ، والزوار الغربين والمقيمين من المسيحيين . وبهذه الطريقة أحرز الرحالة الغربيين على خبرة تامة من البلدان التي يمرون بها وهم في طريقهم إلى القدس . كما أنهم اطلعوا على أحوال ودواخل المجتمع المقدسي . كان الرحالة والفرسان والزوار والحجاج إلى القدس ، في عودتهم لديارهم في الغرب ( أوروبا وأمريكا ) ، بعد تأديتهم فريضة الحج والزيارة ، ينقلون لأبناء جنسهم جميع ما اطلعوا عليه في الشرق / القدس . وهي صورة من أعظم الصور لإثارة حب الاطلاع وتوسيع النطاق العقلي في العالم المسيحي .
القدس مدينة ذات تاريخ تليد ، يجللها طبقة فوق طبقة ، ويتجلى في مستويات آثارية ، ويمتد أكثر من عشر حقب تاريخية رئيسية . والقدس ذات تاريخ موغل في القدم ، ظلت مسرحا للمشاعر الجياشة والنزاعات المريرة . في القدس يشتغل الرحالة الغربي باستمرار لأغراض عديدة ، ونظرا لأهميتها بالنسبة لإرث الأديان الإبراهيمية السماوية الثلاثة ، فقد دثرت القدس الأساطير المحركة للنفوس والمعتقدات الدينية الراسخة ، والاشتياقات العارمة . وقد كان لهذا الإرث أبعاد تاريخية ، ومظاهر طوباوية في آن معا .
وثمة رؤيتان اعتمدها الرحالة ؛ سواء الغربيين أو المغاربة في عرض صورهم عن القدس : عرض أفقي للصورة ، يحاول أن يشمل بنظرة واحدة ، كافة الظواهر والأنشطة ، فيمسها مسا خفيفا بنوع من الوصف الخارجي السريع ، الذي يعطي الملامح العامة البارزة على السطح ، ولا يكاد يتوغل إلى الأعماق للبحث عن التفاصيل والجذور . بينما تقوم الرؤية الثانية على التوغل إلى الأعماق أو العمودي . في هذه الظاهرة أو تلك ، وعبر الصورة ، ومن خلال هذا النشاط أو ذاك . تم تقديم من قبل الرحالة المغاربي أو الغربي مادة غزيرة ورؤية أكثر نفاذا وتمثلا وتصويرا .
والرؤيتان في تشكيل الصورة عن القدس ، في عمومهما ، تكمل إحداهما الأخرى ، وكلتاهما عون للدارس المقارني المعاصر ، الذي يسعى إلى استخراج صورة القدس الشريف ، من بطون هذه الرحلات والمصادر ، تتميز بالامتداد والعمق في الوقت نفسه . ومع ذلك فإن هناك الكثير من الثغرات ، تركت عبر هذه الرحلات المصادر دون سعي جاد لسدها . وهناك مساحات واسعة في هذا الجانب في تشكيل الصورة البانورما عن القدس ، تبقى تنتظر عمن يلقي عليها ضوءا .
ومن ذلك كانت محاولتنا ، تقوم على تجاوز الوصف السطحي السهل للمدينة المقدسة ، إلى الغور في الأعماق ، ومعالجة أمر المدينة الثقافي أو الممارسة الدينية ، أو النشاط العلمي . ومن ثم رأينا متابعة الرحلات ، وهي تصف قطاعات الحياة في المدينة المقدسة ( القدس الشريف ) ، على امتداد العمران والآثار والناس ، من أجل منحها حياة أكثر تدفقا وغنى ، ومن أجل تكوين صورة عن المدينة ( القدس ) أكثر أصالة وامتدادا روحيا ، وأقدر إفصاحا شخصية المدينة ( القدس ) ، أم الحواضر في الماضي والحاضر ، والتركيز على ما هو أكثر ديمومة وخلودا وحضورا في الذاكرة .
إن الرحالة المغاربي ، وهو يدخل القدس يجد محرابا دينيا كبيرا توالت على أرضيته نبوات السماء الكبرى ، ووقف في ساحته الكبرى المباركة أنبياء الله جمعا عليهم السلام يصلون يوم الإسراء ، وراءهم خاتمهم محمد عليه الصلاة والسلام . عن الرحالة المغاربي القادم من أقصى المعمورة إلى المسجد الأقصى ، يرى المواقع والرؤى والمشاهد ، ويتلمس الذكريات العزيزة التي طال شوقه إليها .
أما الرحالة الغربي الأوروبي الأمريكي ، القادم من صقيع وبرودة المادة وحمى الاستهلاك ، ها هو يرحل ويدخل في قلب التجربة وحرارة الإيمان . وجل اهتمامه سينصب على بؤرة واحدة : تراث الأديان العريق . ومن ثم فإنه في رحلته مستعد أن يمنحنا ، ليس فقط الملامح الكلية والقسمات العامة لمعطيات هذا التراث ، بل أن يتجاوزها صوب الدقائق والتفاصيل ، فيحدثنا عن انحناءات الأحرف وتعاريج الكتابة ، وتناظر الزوايا ، وألوان الصخور . في الرحلات المغاربية والغربية ، تبرز القدس في قلب الزائر ، مدينة في القلب من العالم ، تتربع على مكان عال ، فكأنها بذلك تنادي الرحالة والزائرين ، وتفتح صدرها .
الوزن | 0.82 كيلوجرام |
---|---|
الأبعاد | 17 × 24 سنتيميتر |
ردمك|ISBN |
978-9957-79-131-5 |
منتجات ذات صلة
استقبال النظريات النقدية في الخطاب العربي المعاصر
لقد شكلت نظرية الاستقبال محاولة لدراسة النص الأدبي من خلال منظومة متكاملة ، تعنى بالعملية الإبداعية في أطرافها الثلاة : المبدع ، النص ، القارئ . وقد وصلت هذه النظرية إلى النقد العربي الحديث والمعاصر ؛ شأنها في ذلك شأن النظريات النقدية والمفاهيم المعرفية الأخرى . وقد ذهب بعض النقاد العرب إلى أن النقل الحرفي لنظرية التلقي قد لا يكون عام الفائدة ، لأنه يلغي بعض الظواهر الثقافية الهامة في مجتمع من المجتمعات .
كانت جملة من المحاولات العامة ، التي استقبل فيها النقاد العرب جمالية " القيمة الجمالية " في النقد الجديد ، انصبت على النواحي البلاغية وعلى الشكل وتحليله ، وعلى بعض الجوانب الإنسانية ، ولم يتخلص المنهج بعد من النظرة السياقية . ونتج عن تلك المحاولات ، أنه ترتبت عليها معالم منهجية واضحة . وهكذا تجلت القيمة الجمالية والنقد الجديد في الرؤية والمنهج ، وتمثلها النقاد العرب . كما أخذت تبرز بشكل أوضح في المعالم النقدية الموالية عبر تطور النقد العربي المعاصر .

الاساس الفكري للجاهلية
الكائن الجاهلي كان خاضعاً لسلطة القبيلة بشكل صارم ، لاعتقاده بأنها الوحيدة القادرة على منحه امتداداً لوجوده، ومعنىً لأنشطته الحياتية. وكان مشركو الجزيرة العربية خاضعين للسلطة الوثنية، في حين أن الكتابيين يخضعون لسلطتهم الدينية المشوَّشة نتيجة التحريف . وهذه السلطات تُعبِّر عن اتجاهات الفرد ومشاعره وقيمه السلوكية . وهذا يقودنا إلى أهمية السلطة في تقييم الوقائع الاجتماعية الملامسة لحياة الفرد في بعض الأحيان ، وصنعها في أحيان كثيرة .
والسؤال الذي يطرح نفسه هو : هل يصح إطلاق عبارة " المجتمع الجاهلي " ؟. الجواب ليس بالسهولة التي قد نتصورها . فالمجتمع هو تركيبة متجانسة ذات مسار واحد تنطوي تحته المسارات المعبرة عن كينونة الفرد ومشربه. إلا أنني أعارض استخدام عبارة " المجتمع الجاهلي" لافتقاد الإنسان الجاهلي إلى البنية التحتية والفوقية في الجسد الثقافي الاجتماعي الواعي. وأفضل استخدام عبارة " الجماعات الجاهلية " ، أو " التجمع البشري " .
إن هذه الجماعات البدوية التي عاشت في الجزيرة العربية قبل مجيء رسالة سيدنا محمد _ ولا أقول قبل مجيء الإسلام إذ أن الإسلام جاء إلى كوكبنا مع أبينا آدم _ لم تكن منفصلة عن المسار التاريخي العام . بل هي امتدادٌ ذهني فكري للجاهليات الراسخة في الصين والهند واليونان ، وما الجاهلية اليهودية التوراتية التي بدلت دينَ موسى ، والجاهلية النصرانية الأناجيلية التي بدلت دينَ المسيح إلا زخم أسطوري وثني شكل مخزوناً مرئياً للجاهلية العربية في أرض الجزيرة .
إن التحليل الواعي للأحداث المحتاجة إلى تعليل ودراسة يشكل تحدياً خاصاً وصعوبةً حقيقية في فهم طبيعة التفكير لدى الجاهلي . لكننا نراهن على وضوح طريق الدراسة واحتوائه على مقومات البناء الرمزي والواقعي المستخدمة في فك شيفرات هذا المحيط الفكري الفلسفي .
وبالطبع لن نذهب إلى المركبات الفكرية المستعجلة في التعامل مع المادة البدائية ( الخام ) . إذ أن بحثنا يستند إلى تروٍّ يتم تأصيله لبنةً لبنة ، وفلسفةٍ تتكامل فيها النواحي الثقافية والسياسية والاجتماعية ، مما يؤدي إلى التنقيب في الأساس الفكري . والأسباب التي جعلتنا نسلط الضوء على المعطيات النفسية لدى أولئك القوم هي ذاتها التي تحدد معالم بحثنا . فظهور المدلولات الإيجابية والسلبية في منهجية تعامل الفرد القبلي المنتمي إلى تجمعه الوجودي، ستبرز لنا رغماً عنها، لأنها صارت حياةً مُعاشة ووضعاً ملموساً مكشوفاً لأعين الباحثين .
والأيديولوجية الجاهلية بوصفها نمطاً استحواذياً تجسد كل أحلام التخلف والتبعية وتغييب النماذج الثورية . إننا أمام حالة هلامية عَقدية تعتمد على الوثن في تشكيل صور العلاقات الاجتماعية . ومن هنا تنبع خطورة توليد الأنماط الضالة . فعلى الدارسين المتخصصين أن يعوا الأبعاد الحقيقية للحالة الجاهلية بكل ملابساتها وحيثياتها المؤدلَجة وغير المؤدلَجة. وأهمية الوعي بخطورة الحالة المعروضة أمام التمحيص يستدعي الإحاطة بكل الجوانب الإنسانية . والجدير بالذكر أن كثيراً من الباحثين لم يركزوا على إشكالية أنسنة العلاقات البشرية داخل المحيط القمعي ، واكتفوا بتوزيع نظراتهم على القشور دون الغوص في بحور التشكيلات الإنسانية ، لذا جاءت دراساتهم مشوشة وسطحية. وإننا ندعو كل الباحثين المتمكنين إلى سبر أغوار التجمع الجاهلي ، وعدم الوقوف عند الباب دون الدخول إلى هذا العالَم المعتم المتجسد في البيئة الوثنية .
إن هذا الكتاب يقدم دراسةً دينية واجتماعية وفلسفية تحاول تحليل ظاهرة الجاهلية بكل جوانبها من منظور إسلامي يأخذ بعين الاعتبار النظريات المعاصرة التي تفسر الظواهر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بما لا يتعارض مع دين الله تعالى، وكشف التكوينات الفكرية في الأنساق المختلفة . فإن وجدت في كلامي خيراً فمن الله تعالى وحده، وإن وجدت غير ذلك فمن نفسي والشيطان . والحمد لله رب العالمين .
التشكيلات النقابية للسادة الاشراف الهاشميين

الرواية الجزائرية الجديدة المنحى الملحمي والسرد الأسطوري فصوص النص الصوفي
حاولت الرواية الجزائرية الجديدة ، التعبير عن الأزمة ؛ دونما شك ستكون يمثابة المنعرج الكبير للكتابة الراهنة في الجزائر القائمة فعلا على محك التجربة والمعايشة والمعاناة ، والشهادة والاستشهاد ، والمعاينة للمشهد وللفزع الأكبر . وهذا لا يعني بالضرورة أن يكون هذا المشهد السردي خاليا من بعض الأسماء ، التي سبق لها وأن كانت رموزا لمشاهد ووقائع وفجائع سابقة . . وعندما نسمي هذا الأدب الجديد بأدب الأزمة والمحنة ، ليس بالضرورة أن يكون تناولا بصورة واضحة للأزمة ، بل تفاعله مع إفرازاتها والوضعيات المختلفة ، التي أنتجها وأنتجت أناسها وسلوكاتها وذهنياتها الجديدة .
من منظور الخطاب الروائي الجزائري الجديد ، تأتي محاولات الجيل الجديد ؛ المتميزة بفتوحاتها ، حيث يمثل هذا الجيل في الخطاب الروائي الجزائري ، الواعد بمستقبل قد يعانق الخطاب الروائي العالمي ، في إحداثياته وحداثته وبنياته الجديدة . يواصل الروائي الجزائري فتوحاته الإبداعية ، ويضرب على وتريات وجدليات الحب / الحرب ، الهم / الغم ، الدم . وعلى لازمة المثقف والسلطة بحدة . ويتصدى لوقائع ومواجع الاغتراب والمنفى ، والهجرة إلى الداخل / الذات ، الأعمق والأصدق .
ظل مالك حداد يحمل روحه على راحته ، ويحمل مأساته المزدوجة . وربما بحس يختلف عن الآخرين ، هذا الهم المزدوج " الاستعمار " و" اللغة " ، هو الذي حدد مسار كل أعماله ، ووضع خارطة طريق الثورة في رواياته . فبالرغم من مأساة اللغة ظل هذا الأديب نقيا ، يعبر عن هموم وطنية وقومية وإنسانية ، برؤية تقدمية في شكلها العام ، بعيدة عن كل روح شوفينية ، الأمر الذي ساعده على عدم السقوط في التعميم والغموض ، مثل بعض الكتاب الفرنسيين المتواجدين في الجزائر ، الذين أفرزتهم الثقافة الاستعمارية .
يمثل مالك حداد خطاب الثقافة المضادة ، وخطاب الرد على الاستعمار بالكتابة ، والشيء نفسه ربما يكون قد فعله مالك حداد مع بعض الخصوصيات ، التي رافقته طول حياته ، فمن "رصيف الأزهار لايجيب " إلى " ساهبك غزالة " إلى " الشقاء في خطر " . تزداد أهمية روايات مالك حداد ، في استخدامها التقنيات السردية الرمزية الشاعرية ، وشعرية القص . وتوظيف فصوص الصوفية ، في رسم الضياع والغربة ، ومدى حالة التمزق بين هويتين . وتتمحور معظمها حول الثورة الجزائرية ، أعطاها مسحة مقاومة محتدة ونضال عنيف ، وشهادة كاتب شريف عفيف ، إلى درجة ، أن أطلق عليها بـ ( الوثيقة الثورية ) . كما تتميز بذاك العمق الفكري ، وذياك البعد الفلسفي والوطني النضالي .
تميز الفضاء المحكي ، في تجربة الروائي عبد الحميد بن هدوقة ، بعدد هائل من التناصات والمتعالقات الأسطورية والخرافية والصوفية ، إلى درجة القيمة الرمزية ، التي جعلت من الفضاء الإنساني مليئا بالرموز الدالة على رؤية الوجود . وتظهر الإيديولوجيا كطريقة لتنظيم الفضاء ، وعناصره وموجوداته ، في صورة إيقونات ، إشارات . وفي فضائها تتكثف جملة من العلاقات الجمالية الإنسانية ، محددة طبيعة الصراع الفكري ، الذي تغذيه مختلف الشخصيات الروائية بقناعتها المتباينة .

القلم الاسبوعي
بانوراما النقد النسوي
صورة الجزائر في عيون الرحالة وكتابات الغربيين

المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.