بدأ مشروع هذا الكتاب منذ أكثر من عشر سنوات. بعد ثلاثين عاما من البحوث المكثفة، والعمل الميداني في فلسطين وإسرائيل، وقيامي بجمع المئات من الوثائق التاريخية من مراكز البحث العربية والعالمية المتخصصة في الشأن العربي/ الإسرائيلي، فرأيت أن هذا الكتاب صار ملحا وليس فقط ضروري

قادتني بحوثي في مجال الصراع العربي الإسرائيلي في الأساس الى إصدار كتابي الأول: الأردن في حرب 1967، الذي طبعته جامعة كامبردج في العام 1987. ولقد التقيت بكثير من الشخصيات والمفكرين الإسرائيليين في مسيرة أبحاثي الطويلة في الصراع العربي الإسرائيلي، من بينهم صديقي البروفسور شمعون شامير، الذي كان أول سفير إسرائيلي في الأردن بعد معاهدة السلام بين البلدين في العام 1994. لقد التقيت البروفسور شامير في العام 1992 في مؤتمر بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لحرب حزيران 1967، نظمه صديقنا المشترك ريتشارد باركر، رئيس معهد الشرق الأوسط في العاصمة الأميركية واشنطن. وكان هذا المؤتمر من بين العديد من اللقاءات والمناقشات التي تظهر أن هنالك الكثير من الأشخاص المنصفين والمتوافقين في كلا جانبي الصراع. ولكن لماذا ظل هذا الصراع محتدما ومتواصلا؟ ما هي العقبات التي تمنع الوصول إلى حل يوفر للإسرائيليين الأمن والاعتراف بحق الوجود، وللفلسطينيين دولتهم المستقلة ذات السيادة والمعترف بها عالميا؟ يقصد هذا الكتاب النظر في هذه المسائل، وآمل انه سيوفر رواية مقنعة للقرارات السياسية التي كان لها في مفاصل زمنية معينة أن تمنع بصورة ممنهجة المؤسسات والأفكار والإرادة السياسية التي تشكل أساس قيام دولة فلسطينية

أن تأليف كتاب يتعلق بالعملية المعقدة والمتعددة الأبعاد الخاصة بمعيقات قيام دولة فلسطينية، وتحديد الأزمات اليومية التي رافقت تلك القضية التاريخية، تعتبر في كثير من الأحيان مسألة خاسرة

في الحقيقة، ومن خلال الكثير من النقاشات، ظل البروفسور شامير يعيد ويكرر على مسامعي: (سمير، كلنا نعرف ما يلزم لصنع السلام، لكن المشكلة الحقيقية هي كيفية الوصول الى تلك المرحلة). وبالفعل أنا أوافقه! بالرغم من مصاعبها، فإن المسألة الرئيسية هي التوثيق، وإن أمكن توفير تحليل موضوعي، للأسباب والتداعيات الناجمة عن كثير من العوامل التي تمنع التوصل الى سلام عادل ودائم، وتمنع إنهاء ما يزيد على سبعة عقود من المعاناة الفلسطينية، وإنكار حقوق الفلسطينيين في فرصة متكافئة لممارسة حق تقرير المصير وإقامة الدولة، وتمنع الإسرائيليين من الحصول على القبول بهم في قلب الشرق الأوسط