أثبت لنا التاريخ أن النُظم القمعية تحتفظ بالسلطة لأجل طويل عن طريق الترويج لأسلوب الحوكمة القائم على فكرة “أسلوب واحد يناسب الجميع”. فبالنسبة إلى هذه النُظم يُعد الاعتراف بالتنوع سلوكاً سياسياً ضاراً ومحفوفاً بالمخاطر ومن شأنه أن يضع المشروعية التي تدعيها موضع المساءلة، وكذلك فإن الثورات في العالم العربي قد أثبتت أن الديكتاتورية قد عمدت إلى التعبير عن التنوع في شكل الخوف من الفوضى وعدم الاستقرار في أثناء لحظاتها الأخيرة في السلطة

وعلى النقيض من ذلك فإن الشعوب في مرحلة الانتقال إلى الديمُقراطية تهتم برسم أنظمة اجتماعية سياسية ذات ملامح متجانسة وشاملة يمكنها تحقيق التوقعات السياسية والاجتماعية والتنموية بشكل جماعي، وبغض النظر عن المعتقدات الثورية للشعوب المشبعة بالشمول والتفاهم، فإن تحقيق هذا الشمول طالما مثل مهمة شاقة لم تنجح سوى فيما ندر

ويمثل الاستقطاب السياسي وعدم التسامح المذهبي وتحقيق العدالة الانتقالية وعدم الوضوح الثقافي، بعض أمثلة الفخاخ التي يمكن أن تقع فيها المجتمعات في أعقاب الثورات، وجميع هذه الفخاخ تنشأ نتيجة لغياب الفهم الحقيقي لقيمة التنوع