

الاتفاقيات المعقودة لدى مكاتب الإصلاح والتوفيق الأسري أنواعها وتكييفها وحجيتها
18 د.ا 4 د.ا
الحمد لله الذي قسم فأقسط، وحكم فعدل، والصلاة والسلام على من أرسل بالهدى ودين الحق، أما بعد:
فإن من الأصول التي قام عليها التشريع الإسلامي تحقيق المصلحة في الحال والمآل، وقد سنَّ الله عز وجل من السَّنَنِ والأحكام ما يحقق هذه المصلحة، بل إن كل أصل لم يشهد له النص، وكان ملائماً لنهج المشرع، ومأخوذاً معناه من الأدلة النصية، صار بمجموع الأدلة مقطوعاً به، بل ويرجع إليه في الاستدلال، كما ذكر الإمام الشاطبي في موافقاته([1]).
ومن نهج المشرع أن سنّ من الأحكام الشرعية ما فيه مظنة تحقيق العدل بين الأفراد، ومن التدابير الشرعية التي فيها مظنة تحقيق القسط بين الناس الوفاء بالعقود، إذ يقول عز من قائل في مستهل سورة المائدة: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِۚ” [المائدة: 1]، والتعريف في العقود تعريف الجنس للاستغراق، فكان المفهوم شاملاً العقود التي عاقد المسلمون عليها ربهم بالامتثال لشرعه، والعقود بين المسلمين وغير المسلمين، وكذلك العقود بين المسلمين بعضهم بعضاً([2])، وانطلاقاً من هذا الأصل، فإن القيام بالقسط يلزم منه الحرص على الوفاء بالالتزامات والاتفاقيات ما لم تخالف أصلاً أو نصاً شرعياً.
.
الحمد لله الذي قسم فأقسط، وحكم فعدل، والصلاة والسلام على من أرسل بالهدى ودين الحق، أما بعد:
فإن من الأصول التي قام عليها التشريع الإسلامي تحقيق المصلحة في الحال والمآل، وقد سنَّ الله عز وجل من السَّنَنِ والأحكام ما يحقق هذه المصلحة، بل إن كل أصل لم يشهد له النص، وكان ملائماً لنهج المشرع، ومأخوذاً معناه من الأدلة النصية، صار بمجموع الأدلة مقطوعاً به، بل ويرجع إليه في الاستدلال، كما ذكر الإمام الشاطبي في موافقاته([1]).
ومن نهج المشرع أن سنّ من الأحكام الشرعية ما فيه مظنة تحقيق العدل بين الأفراد، ومن التدابير الشرعية التي فيها مظنة تحقيق القسط بين الناس الوفاء بالعقود، إذ يقول عز من قائل في مستهل سورة المائدة: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِۚ” [المائدة: 1]، والتعريف في العقود تعريف الجنس للاستغراق، فكان المفهوم شاملاً العقود التي عاقد المسلمون عليها ربهم بالامتثال لشرعه، والعقود بين المسلمين وغير المسلمين، وكذلك العقود بين المسلمين بعضهم بعضاً([2])، وانطلاقاً من هذا الأصل، فإن القيام بالقسط يلزم منه الحرص على الوفاء بالالتزامات والاتفاقيات ما لم تخالف أصلاً أو نصاً شرعياً.
وتأسيساً على ما تقدم، ومن مظنة تحقيق المصلحة، فقد أنشئت مكاتب الإصلاح والوساطة والتوفيق الأسري، انطلاقاً من فكرة أن صلاح المجتمع يأتي من صلاح أفراده المتأتي من استقرار الأسر وصلاحها، وقد تم إقرار نظام مكاتب الإصلاح والوساطة والتوفيق الأسري([3]) سنداً لنص المادة (11) من قانون أصول المحاكمات الشرعية الأردني([4])، والتي تهدف إلى الإرشاد الأسري الوقائي والعلاجي لمعالجة الخلافات الأسرية والمنازعات بشكل ودي رضائي.
وحقيقة الالتزام بالإسلام بوجه عام وإن انطلق من العقيدة كأساس، إلا أن هذه العقيدة ليست عنصراً روحياً محضاً منفصلاً عن واقع الحياة، وإنما هو مفهوم متسع يشمل مبادئ التكليف، بحيث إن الأصل أن يؤول كافة الوجود الحيوي للإنسان إلى عبادةـ وهذا مبدأ أصّلَ لكافة الحقوق والحريات([5])، وعليه فإن كافة تعاملات المسلمين والتزامهم بالتكاليف الشرعية، والتزامهم تجاه بعضهم بعضاً عملاً بمقتضى النصوص الشرعية يصب كله في مفهوم العبادة.
وهذه الدراسة تبين تكييف الاتفاقيات المنظمة لدى مكاتب الإصلاح والوساطة والتوفيق الأسري، وأنواعها، وتأصيلها، وبيان حجيتها، وطرق الطعن التي ترد عليها، ومدى إلزامها، وآلية تنظيمها، والحيل التي قد ترد عليها، وعيوب الإرادة التي قد تلحق بها، والحقوق التي يجوز التنازل عنها، وما لا يجوز التنازل فيه، وحدود تدخل النيابة العامة فيما يتعلق بحقوق القاصرين المنظمة بموجب الاتفاقيات وآلية هذا التدخل، إلى غيرها من الأمور المتعلقة بهذا الجانب على ما سيأتي تفصيله خلال هذه الخطة.
([1]) الشاطبي، إبراهيم بن موسى، (ت790)، الموافقات، ط1، ج1، دار ابن عفان، المملكة العربية السعودية، ص32.
([2]) ابن عاشور، محمد الطاهر، (ت 1393 هـ)، تفسير التحرير والتنوير، ط1، ج6، الدار التونسية للنشر، تونس، 1984م، ص74.
([3]) نظام رقم (17) لسنة 2013 نظام مكاتب الإصلاح والتوفيق الأسري المنشور في عدد الجريدة الرسمية رقم (5209) تاريخ 28/02/2013م.
([4]) قانون أصول المحاكمات الشرعية رقم (31) لسنة 1959 وتعديلاته والمنشور في عدد الجريدة الرسمية رقم (1449) تاريخ 1/ 1/ 1959م.
([5]) الدريني، فتحي، خصائص التشريع الإسلامي في السياسة والحكم، ط2، مؤسسة الرسالة، بيروت، 2013م، ص5
تعالج الدراسة مشكلة التأصيل الفقهي والقانوني للاتفاقيات المبرمة بين أطرافها في الحدود التي تختص بها المحاكم الشرعية الأردنية، بحيث يخرج بهذا القيد الاتفاقيات الدولية، وبيان يترتب على هذا التكييف من أثر قانوني عند التطبيق العملي، على اختلاف أنواع هذه الاتفاقيات، ومن الأسئلة التي تهدف هذه الدراسة للإجابة عليها ما يلي:
1- ما التكييف الفقهي والقانوني للاتفاقيات المنظمة لدى مكاتب الإصلاح والوساطة والتوفيق الأسري في الأردن؟
2- ما حجية هذه الاتفاقيات؟
3- ما وجه الاختلاف بين الاتفاقية والحكم القضائي وما أثر هذا الاختلاف من الناحية العملية؟
4- ما هي طرق الطعن في الاتفاقيات المنظمة لدى مكاتب الإصلاح والوساطة والتوفيق الأسري وما آلية هذا الطعن؟
5- ما الحقوق التي لا يجوز التنازل عنها؟
6- ما صلاحية النيابة العامة الشرعية في التدخل في الحقوق المتعلقة بالقاصرين المنظمة بوجب اتفاقية؟
7- ما حدود اختصاص قاضي الإصلاح الأسري عند تنظيم الاتفاقية؟
يمكن تقسيم أهمية الدراسة إلى جانبين: نظري وعملي. فمن الناحية النظرية فإن هذه الدراسة مختصة ببيان ما يتعلق بالاتفاقيات المنظمة لدى المحاكم الشرعية تأصيلاً وتنظيماً، وعليه فإنه يؤمل أن تخدم الباحثين الأكاديميين المهتمين ببحث التكييف القانوني والتأصيل الفقهي للاتفاقيات، وأنواعها وحجيتها وطرق الطعن فيها.
وفي الجانب العملي فإنه يؤمل من هذه الدراسة أن تخدم العاملين في المجال القانوني عموماً، كما إن المواضيع التي ستبحث في هذه الدارسة يؤمل منها أن تخدم العاملين في مكاتب الإصلاح الأسري التابعة لدائرة قاضي القضاة.
ويؤمل كذلك من هذه الدراسة أن تكون ذات فائدة للقضاة الشرعيين؛ إذ إنها ستتناول حجية الاتفاقيات المبرمة على اختلاف أنواعها وطرق الطعن فيها، وذلك بالإضافة إلى المحامين والمستشارين أو العاملين في السلك القانوني كما أشرت.
1- بيان التكييف الفقهي والقانوني للاتفاقيات المنظمة لدى مكاتب الإصلاح والوساطة والتوفيق الأسري في الأردن.
2- بحث حجية الاتفاقيات المنظمة لدى مكاتب الإصلاح والوساطة والتوفيق الأسري في الأردن.
3- عرض وجه الاختلاف بين الاتفاقية والحكم القضائي وبيان أثر هذا الاختلاف من الناحية العملية.
4- بيان طرق الطعن في الاتفاقيات المنظمة لدى مكاتب الإصلاح والوساطة والتوفيق الأسري وآلية هذا الطعن.
5- توضيح الحقوق التي لا يجوز التنازل عنها.
6- بحث صلاحية النيابة العامة الشرعية في التدخل في الحقوق المتعلقة بالقاصرين المنظمة بوجب اتفاقية.
7- بيان حدود اختصاص قاضي الإصلاح الأسري عند تنظيم الاتفاقية.
إن مكاتب الإصلاح الأسري في الأردن حديثة عهد بالعمل، وإن لم تكن حديثة العهد بالتشريع من حيث وجود المواد القانونية التي أسست للفكرة، وعليه كان تنظيم الاتفاقيات لدى هذه المكاتب قريب العهد كذلك، وبالتالي فإنني وفي حدود بحثي لم أجد دراسة تعرضت لتأصيل هذه الاتفاقيات أو حجيتها وما يتعلق بها من قضايا، وإن كانت بعض الدراسات بحثت في الإصلاح الأسري عموماً، وأخرى قد بحثت باستفاضة مصادر الالتزام وأحكامه، وفيما يلي بيان لأهم الدراسات السابقة المتعلقة بموضوع الرسالة مرتبة من الأحدث إلى الأقدم:
أولاً: الحنيطي، سناء جميل، (2019م)، التأصيل الفقهي لعمل مكاتب الإصلاح الأسري في المحاكم الشرعي الأردنية، دراسات، مج46 (ملحق): 235- 246.
تكونت دراسة الدكتورة الحنيطي من ثلاثة مباحث: أولها تعلق ببيان مفهوم التأصيل الفقهي ومفهوم مكاتب الإصلاح الأسري، ثم بينت الباحثة فكرة مكاتب الإصلاح الأسري وأهدافها، وانتهت ببيان التأصيل الفقهي لعمل مكاتب الإصلاح الأسري.
وقد خلصت دراسة الباحثة لعدة نتائج كان من أهمها: أن لمكاتب الإصلاح الأسري تأصيلا ًفقهياً في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وأن من أهم أهداف مكاتب الإصلاح الأسري هو الحد من النزاعات الأسرية، والتقليل من سلبية الممارسات الخاطئة بتدخل غير أصحاب الاختصاص لحل النزاع بين الزوجين.
واستفدت في دراستي من هذا البحث في الجزئية المتعلقة بآلية عمل مكاتب الإصلاح الأسري، وكيفية السير في إجراءات الصلح بين الزوجين وصولاً إلى تنظيم اتفاقية قانونية تتضمن ما اتفق عليه أطراف النزاع.
وما تختلف فيه دراستي عن هذا البحث هو انني في هذه الدراسة ركزت على الاتفاقيات القانونية المنظمة لدى مكاتب الإصلاح الأسري، تأصيلاً وتنظيماً وهو ما لم تتعرض له الدكتورة الحنيطي في بحثها لخروجها عن حدود دراستها.
ثانياً: الربابعة، حسين محمد، (2018م)، دور الإصلاح الأسري في حل الخلافات الزوجية: الأردن أنموذجاً، مجلة الاستواء، مج (10): 90- 127.
قسم الباحث دراسته إلى أربعة محاور وخاتمة، حيث بدأت الدراسة ببيان مكانة الأسرة، ثم عرض دوافع ومسببات الخلافات الزوجية، واختص المحور الثالث في الدراسة ببيان بعض الأساليب المتبعة في حل الخلافات الأسرية، وختاماً وسم المبحث الرابع من الدراسة بدور مكاتب الإصلاح الأسري في دائرة قاضي القضاة.
وهدفت الدراسة إلى بيان أهم أسباب المشاكل الأسرية، وما يترتب على الأثر من آثار سلبية إذا لم تعالج هذه المشاكل، كما هدفت إلى بيان دور دائرة قاضي القضاة الممثلة بمكاتب الإصلاح والوساطة والتوفيق الأسري في علاج المشاكل الأسرية والحد منها.
وموضوع هذه الأطروحة يلتقي وهذه الدراسة من حيث تعلقهما بمكاتب الإصلاح والوساطة والتوفيق الأسري بوجه عام، إلا أن هذه الأطروحة تختلف عن الدراسة بأنها انفردت ببحث الاتفاقيات المنظمة لدى مكاتب الإصلاح والوساطة والتوفيق الأسري، وهو ما كان خارجاً عن حدود الدراسة المذكورة.
ثالثاً: بني سلامة، محمد خلف، (2018م)، وسائل تسوية النزاعات البديلة للدعوى: دراسة في قانون الأحوال الشخصية ونظام مكاتب الإصلاح والتوفيق الأسري الأردني، مجلة الحقوق، مج 42، ع 2: (ص 427-272).
وقد تناولت هذه الدراسة بياناً لوسائل تسوية النزاعات البديلة عن الدعوى وهي: الصلح، والتحكيم، والوساطة، من حيث كونها خيارات مرنة تتيح إنهاء النزاع بطرق أكثر سلمية.
وبين الباحث أن دراسة طبيعة النزاع بشكل موضوعي يساعد على اختيار الوسيلة الأكثر مواءمة لمحاولة إنهائه، وكان من أهم توصيات الباحث أن يعاد النظر في التشريعات الأردنية الناظمة للأحوال الشخصية، لتفعيل الوسائل البديلة عن الدعوى بشكل أمثل.
وتختلف أطروحتي عن هذه الدراسة أنني سأبحث الاتفاقيات التي تنظم في مكاتب الإصلاح والوساطة والتوفيق الأسري، من حيث التأصيل والحجية وآلية التنفيذ، وهو ما كان خارجاً عن حدود الدراسة المذكورة.
رابعاً: حسين، اسماعيل أحمد، بدائل الدعوى الشرعية- الإصلاح والوساطة والتوفيق الأسري: دراسة في التشريعات الأردنية العراقية، رسالة دكتوراة غير منشورة، 2017م، جامعة العلوم الإسلامية.
وهذه الأطروحة بدأت بتفصيل الوسائل البديلة عن الدعوى ومشروعيتها والتمييز بينها من حيث المفهوم والأثر، مروراً ببيان مفهوم الصلح ومقوماته وأهميته، وجاءت بفصلها الأخير تبين آلية عمل مكاتب الإصلاح والتوفيق الأسري في المملكة من حيث إدارة هذه المكاتب، وتعيين الأعضاء، ومؤهلاتهم، ومسؤوليتهم.
وقد خلصت هذه الدراسة إلى عدة نتائج كان من أهمها: أن القضاء ليس هو الوسيلة الوحيدة لفض النزاعات، وإن من الطرق البديلة لفض النزاعات بين الأطراف: مكاتب الإصلاح الأسري، والتي يعتمد فيها أسلوب الوساطة لفض النزاع، حيث يتم من خلاله توفيق الأطراف لفض النزاع القائم بينهما بالتراضي عن طريق جهة ثالثة محايدة.
وكان مما افادتني به هذه الدراسة الاطلاع على آلية عمل مكاتب الإصلاح الأسري وكيفية اعتمادها مبدأ الوساطة لحل النزاعات الأسرية بطريق التراضي والتوفيق بين أطراف الدعوى.
أما ما تختلف فيه دراستي عن الأطروحة المذكورة أن هذه الدراسة وإن كانت تتعلق بأحد الأعمال التي تنظم في مكاتب الإصلاح الأسري، إلا أنها تبحث الجانب التأصيلي والقانوني للاتفاق الذي يصل إليه أطراف النزاع عند مراجعتهم مكاتب الإصلاح الأسري، وليس مدار بحث في هذه الأطروحة الآلية التي يتم بها الوصول إلى تنظيم الاتفاقية، كونه لا يتعلق بصلب موضوعي في هذه الدراسة.
خامساً: معابدة، زينب زكريا، الإصلاح الأسري بين الزوجين في الشريعة الإسلامية دراسة مقارنة مع قانون الأحوال الشخصية الأردني، رسالة دكتوراة، 2011م، الجامعة الأردنية.
بدأت الأطروحة ببيان المفاهيم والمصطلحات ذات الصلة بالإصلاح الأسري، ثم بيان الأحكام الشرعية والتدابير الوقائية للحفاظ على الأسرة في الشريعة الإسلامية وقانون الأحوال الشخصية، ومنها: توثيق عقد الزواج، والفحص الطبي قبل الزواج، وإقامة دورات تأهيل للمقبلين على الزواج، تبعها في الفصل الثالث بيان الأحكام الشرعية والتدابير العلاجية للإصلاح الأسري في الشريعة الإسلامية وقانون الأحوال الشخصية، وانتهت بذكر نماذج من واقع الإصلاح الأسري في ماليزيا والإمارات والسعودية، مقارنة بواقع التجربة الأردنية آنذاك.
.
الوزن | 0.65 كيلوجرام |
---|---|
الأبعاد | 17 × 24 سنتيميتر |
ردمك|ISBN |
978-9957-12-29811 |
منتجات ذات صلة
اسقاط الخصومة والاثار المترتبة عليها في التشريعات الاردنية
تعتبر الخصومة وسيلة ممارسة النظام القضائي لإعمال القضاء, فطبيعة عمل القاضي، تقضي وجود خصومة قضائية، فهو لا يمارس عمله إلا من خلال الدعوى، وبناءا على طلب، من احد الخصوم، لهذا كانت الخصومة وسيلة تمارس فيها الدولة سلطتها القضائية
فالخصومة القضائية كما يعرفها الدكتور وجدي راغب عبارة عن مجموعة من الإجراءات المتتابعة والتي يقوم بها الخصوم أو ممثلوهم والقاضي وأعوانه , وتبدأ بالمطالبة القضائية وتنتهي بصدور حكم وهو غاية الخصومة
فإذا كانت الغاية التي تسعى الخصومة القضائية إلى تحقيقها هي الحصول على حكم تنتهي به، إلا أن الواقع يشير إلى أن هذه الغاية قد لا تتحقق في بعض الأحيان نظراً لحدوث أسباب من شأنها تنهي سير الخصومة، ومن هذه الأسباب التي تنهي الخصومة، إسقاطها، أو سقوطها ,ويقسم الإسقاط والسقوط إلى مؤقت لا يحول دون تجديدها ولا يسقط الحق الموضوعي، ويستطيع الخصوم الرجوع على الخصومة المسقطة وتجديدها وبالتالي السير بها من النقطة التي وصلت إليها
أما الإسقاط النهائي فهو الذي يؤدي إلى زوال الخصومة بأثر رجعي، ويعود الخصوم إلى الحالة التي كانوا عليها قبل الخصومة، ولا يؤدي هذا الإسقاط إلى إسقاط الحق الموضوعي إلا انه يحول دون تجديد الخصومة، إلا بإقامة خصومة جديدة للمطالبة بالحق
وتعود أهمية هذه الدراسة إلى أن هذا الموضوع من المواضيع الأساسية في الخصومة القضائية ومن المواضيع التي تثير إشكاليات عملية كثيرة انطلاقاً من أن الخصومة هي أساس المطالبة بأي حق أمام المحاكم
وتظهر أهمية هذا الموضوع بشكل جلي نتيجة للإشكالات القضائية بسبب الثغرات والنقص في نصوص قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني التي تعالج هذا الموضوع، كما أن الموضوع له مساس بشكل مباشر بحقوق الخصوم

التنفيذ العيني على العقار
الحماية القانوينة للمذعن في عقود الاذعان
يعدُّ عقد الإذعان من قبيل العقود التي يضطرُّ فيها أحد طرفي العقد إلى قبوله جملة دون مُفاوضة أو تغيير من جانبه في شروط العقد، فهو عقدٌ ينفرد بصياغة شروطه وبنوده أحدُ المتعاقدين، ولا يملك الطرفُ الآخر إلا قبوله جملةً أو رفضه جملةً دون مناقشة أو مُفاوضة، وهو في الغالب لا يستطيع عدم قبول هذه الشروط؛ نظرًا لحاجته المُلحَّة والضروريَّة لهذه السلع والخدمات التي لا يمكنه الاستغناء عنها، ولعلَّ من أبرز الأمثلة على هذه الفئة من العقود عقود توريد الكهرباء والماء والتليفون وعقود النقل والمرافق العامَّة.
وإذا كان الأصلُ أنَّ العقد في صورته التقليديَّة يقوم على فكرة المُساومة، ويفترض مناقشة أطرافه لشروطه، وبحثها بحريَّة من جانب الطرفين، إلا أنه في ظلِّ التطوُّر التكنولوجيِّ المتزايد، وتشابك العلاقات الاقتصاديَّة بشكلٍ لافت، فقد اقتضى هذا ضرورةَ إبرام أكبر عدد ممكنٍ في أقلِّ وقتٍ وبأقلِّ مجهود، وقد ترتَّب على ذلك بالنسبة إلى عدد كبير من العقود أن انفرد الموجب بتحديد شروط العقد وصار من قبيل المُستحيل مناقشةُ شروطه عند إبرام العقد.

شرح قانون اصول المحاكمات الشرعية طبعة مزيدة ومنقحة جديد
ويقابل المعنى في الفقه الإسلامي مصطلح الولاية ولا مشاحة في الاصطلاح، ومسألة ولاية القضاء وتخصيصه بالزمان والمكان ليست بالمسألة الجديدة أو الحادثة، ليس أدل عليه مما ورد في الفروق؛ إذ جاء فيه في معرض الحديث عن ولاية القضاء: "وعقد الولاية إنما يتناول منصباً معيناً وبلداً معيناً فكان معزولاً عما عداه فلا ينفذ فيه حكمه وكذا في الذخيرة، حيث قال: "ان التصرف يستفاد من الولاية، فإن ولي معيناً زمناً معيناً كان معزولاً عما عداه لا ينفذ فيه حكمه وعليه يستدل من منطوق النصين السابقين أن القضاء يمكن تخصيصه بالمكان والزمان وبالموضوع، وعليه يدل بمقتضاه أن القاضي معزول عن النظر فيما هو خارج عن نطاق ولايته التي خصص قضاؤه فيها.

المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.