

فلسطين والقدس في المسرح العربي
25 د.ا 5 د.ا
ماذا تعني فلسطين / القدس في ثقافتنا العربية اليوم ، وفي الفن المسرحي والمسرحية العربية تحديدا ؟ .. هل هي مجرد استعارة منفلتة عن المعنى ، وعن كل قدرة على السيطرة ؟ .. وكلما حاولنا وضع حدود لها هربت منا ؟ ..أم هي أكثر من ذلك كله ؟ .. حالة ثقافية ومعادلة صعبة مؤلمة تحتاج ، تحتاج منا أن نتجاوز الوسائل التي اشتغلنا من خلالها حتى اليوم ، وتجديد رؤانا . لقد كانت فلسطين / القدس دائما موضوعة ” تيمة ” فكرية وحضارية وثقافية تهمنا كثيرا ، بل تشكل منشغلا مركزيا تعاملت معه الفنون باللغة والألوان والحركات بكثير من الحماس والرغبة ؛ في إحداث المنجز الذي يساهم في تغيير الصورة إلى العربي عموما ، والفلسطيني تحديدا .
من هذا المعنى الثقافي تجلت فلسطين / القدس بكل صورها في النصوص المسرحية العربية ، بقوة بالخصوصيات نفسها . لكن المتأمل للجيل الثقافي العربي والفلسطيني الجديد الذي يفاجئنا بالكتابة والعرض ، يشعرنا بأن شيئا عميقا قد تغير ، أو هو بصدد ذلك . يذكرنا بوسائله الفنية الحية ، بأن انقلابا عميقا وقع في العالم الذي يحيط بنا ، تغيرت معه رؤانا . ويعيد النظر في الرؤيتين اللتين تتجاذبان الصراع ، رؤية ثابتة وقانعة بما يدور حولها ، وكأن العالم يتغير وكأن ميزان القوى ما زال على حاله . وربما كانت النظرة الشابة الناشئة من دمار الخيبات واليأس ، هي ما يسترعي الانتباه الفني والنقدي . إذن هذه الرؤية تخرج بقوة من دائرة التكرار والاستعادة الاجترارية ، التي لا تقدم شيئا جديدا ؛ في عالم يسير بسرعة ويترك وراءه من لا يستطيع اللحاق به ويحاول فهمه .
رهان الفن والمسرح الأساسي في تعامله مع القضية الفلسطينية ؛ هي أن يخرجها من كونها قضية عربية فقط ، أن توصل صرختها إلى أبعد نقطة على هذه الأرض . السؤال هو كيف ينتقل الفن المسرح في تعامله مع قضية قومية ، إلى التعامل مع فلسطين ؛ باعتبارها قضية تضع الفنان / المسرحي أمام رهان الإنسانية ، حيث تصبح القضية الفلسطينية قضية أشمل بامتياز .
وفي هذه الرحلة الفلسطينية ، لا ننتقل إلى المكان الآخر فقط ، ولكننا نرحل إلى الأفكار الأخرى ، أي إلى الأفكار الخفية ، والتي صادرتها الغوغائية ، وقمعتها الإيديولوجيا المحنطة . ولهذا فقد كانت في روحها رحلة احتفالية / مسرحية عيدية ، رحلة يؤسسها الحس الإنساني الشامل والمتكامل ، وذلك بدل الحس الشعوبي والقومي الضيق والمغلق . إن هذه الرحلة في بعدها المادي وفي مستواها الفكري والروحي والفني ، يسكنها روح الحقيقة وملحها . وبذلك يكون رصدها ، والكتابة عنها ، وفيها ، أكبر من مجرد تسجيل وجهة نظر عابرة ، وذلك في زحمة الليالي والأيام الطائرة والعابرة . ومن غريب الأشياء أن تكون أرض التسامح / فلسطين هاته ، وهي تحت سلطة الواقع المزيف ، متنكرة لحقيقتها ، وأن تصبح فضاء للإقصاء وللاغتيال وللتشريد وللنفي ، وأن يتم ذلك بمباركة الغرب المسيحي .
وكان واضحا / منذ البداية أن هذا الكيان / الصهيوني ؛ كيان عنصري استعماري ، لا يمكن أن يقوم إلا على أشلاء شعب آخر ، هو الشعب العربي في فلسطين ، وعلى اغتصاب أرضه ثم ليكون مخلبا لحركة الاستعمار العالمي التي كانت قد بدأت لأزيد من قرن ، يحفظ لها مصالحها في المنطقة . فيكون بذلك بمثابة رجل شرطة ، أو قل ” بلطجي ” يثير المشاكل ويمنع الاستقرار ، ويعوق حركة الوحدة العربية وحركة التقدم الممكنة .
لم يكن الوعي بالقضية الفلسطينية والقدس العربية على خشبة المسرح العربي ، وارتباطهما الحيوي والمصيري بالقضايا العربية المصيرية مفاجئا أو مفتعلا ، وإنما كان نتاجا طبيعيا لاتضاح قسمات وجه النضال العربي من ناحية ، وبروز المقاومة الفلسطينية وقضية القدس العربية من ناحية أخرى ؛ كقوة ذات أثر بالغ وفكر متقدم ، يلتقي في مضمونه التزاوج الحتمي . الذي أخذ يتضح في الوطن العربي بين قضيتي التحرير الوطني والتحرير الاجتماعي ، أي ضرورة التغيير الشامل .
ولم تكن المقاومة الفلسطينية والقدس العربية ؛ موضوعا غائبا عن المسرح العربي المعاصر طيلة ما يزيد عن نصف قرن . ولكنها بغير شك قد تطورت في الوجدان العربي المعاصر لإحداث حزيران / جوان الدامية ومع الانتفاضة الكبرى وثورة الحجارة ؛ تطورا يكاد يكون كيفيا ، انعكاسا لما آلت إليه الأمور غورا وعمقا في الوضوح والتبلور . ومعنى ذلك أن المقاومة الفلسطينية / قضية وموضوعها للمسرح ، قد اكتسب على مر العقود والسنين أبعادا لم تكن لها من قبل ، وكذلك الاستجابة الفنية لهذه القضية قد تباينت حقا من كاتب لآخر ، ومن مخرج لآخر ومن فرقة مسرحية لأخرى ، ولكنها احتفت في النهاية بالمقاومة كطريق وحيد للخلاص . هذا الطريق الذي لم تلح بدابته أمام هؤلاء الكتاب والمسرحيين أنفسهم ، وغيرهم قبل أن تطفو معالمه على سطح الواقع ، بل كانت الغالبية منهم قد وصلت بأقصى ما تتمتع به من درجات الموهبة والثقافة إلى رؤيا الطريق المسدود .
ماذا تعني فلسطين / القدس في ثقافتنا العربية اليوم ، وفي الفن المسرحي والمسرحية العربية تحديدا ؟ .. هل هي مجرد استعارة منفلتة عن المعنى ، وعن كل قدرة على السيطرة ؟ .. وكلما حاولنا وضع حدود لها هربت منا ؟ ..أم هي أكثر من ذلك كله ؟ .. حالة ثقافية ومعادلة صعبة مؤلمة تحتاج ، تحتاج منا أن نتجاوز الوسائل التي اشتغلنا من خلالها حتى اليوم ، وتجديد رؤانا . لقد كانت فلسطين / القدس دائما موضوعة ” تيمة ” فكرية وحضارية وثقافية تهمنا كثيرا ، بل تشكل منشغلا مركزيا تعاملت معه الفنون باللغة والألوان والحركات بكثير من الحماس والرغبة ؛ في إحداث المنجز الذي يساهم في تغيير الصورة إلى العربي عموما ، والفلسطيني تحديدا .
من هذا المعنى الثقافي تجلت فلسطين / القدس بكل صورها في النصوص المسرحية العربية ، بقوة بالخصوصيات نفسها . لكن المتأمل للجيل الثقافي العربي والفلسطيني الجديد الذي يفاجئنا بالكتابة والعرض ، يشعرنا بأن شيئا عميقا قد تغير ، أو هو بصدد ذلك . يذكرنا بوسائله الفنية الحية ، بأن انقلابا عميقا وقع في العالم الذي يحيط بنا ، تغيرت معه رؤانا . ويعيد النظر في الرؤيتين اللتين تتجاذبان الصراع ، رؤية ثابتة وقانعة بما يدور حولها ، وكأن العالم يتغير وكأن ميزان القوى ما زال على حاله . وربما كانت النظرة الشابة الناشئة من دمار الخيبات واليأس ، هي ما يسترعي الانتباه الفني والنقدي . إذن هذه الرؤية تخرج بقوة من دائرة التكرار والاستعادة الاجترارية ، التي لا تقدم شيئا جديدا ؛ في عالم يسير بسرعة ويترك وراءه من لا يستطيع اللحاق به ويحاول فهمه .
رهان الفن والمسرح الأساسي في تعامله مع القضية الفلسطينية ؛ هي أن يخرجها من كونها قضية عربية فقط ، أن توصل صرختها إلى أبعد نقطة على هذه الأرض . السؤال هو كيف ينتقل الفن المسرح في تعامله مع قضية قومية ، إلى التعامل مع فلسطين ؛ باعتبارها قضية تضع الفنان / المسرحي أمام رهان الإنسانية ، حيث تصبح القضية الفلسطينية قضية أشمل بامتياز .
وفي هذه الرحلة الفلسطينية ، لا ننتقل إلى المكان الآخر فقط ، ولكننا نرحل إلى الأفكار الأخرى ، أي إلى الأفكار الخفية ، والتي صادرتها الغوغائية ، وقمعتها الإيديولوجيا المحنطة . ولهذا فقد كانت في روحها رحلة احتفالية / مسرحية عيدية ، رحلة يؤسسها الحس الإنساني الشامل والمتكامل ، وذلك بدل الحس الشعوبي والقومي الضيق والمغلق . إن هذه الرحلة في بعدها المادي وفي مستواها الفكري والروحي والفني ، يسكنها روح الحقيقة وملحها . وبذلك يكون رصدها ، والكتابة عنها ، وفيها ، أكبر من مجرد تسجيل وجهة نظر عابرة ، وذلك في زحمة الليالي والأيام الطائرة والعابرة . ومن غريب الأشياء أن تكون أرض التسامح / فلسطين هاته ، وهي تحت سلطة الواقع المزيف ، متنكرة لحقيقتها ، وأن تصبح فضاء للإقصاء وللاغتيال وللتشريد وللنفي ، وأن يتم ذلك بمباركة الغرب المسيحي .
وكان واضحا / منذ البداية أن هذا الكيان / الصهيوني ؛ كيان عنصري استعماري ، لا يمكن أن يقوم إلا على أشلاء شعب آخر ، هو الشعب العربي في فلسطين ، وعلى اغتصاب أرضه ثم ليكون مخلبا لحركة الاستعمار العالمي التي كانت قد بدأت لأزيد من قرن ، يحفظ لها مصالحها في المنطقة . فيكون بذلك بمثابة رجل شرطة ، أو قل ” بلطجي ” يثير المشاكل ويمنع الاستقرار ، ويعوق حركة الوحدة العربية وحركة التقدم الممكنة .
الوزن | 0.82 كيلوجرام |
---|---|
الأبعاد | 17 × 24 سنتيميتر |
ردمك|ISBN |
978-9957-12-714-5 |
منتجات ذات صلة
استقبال النظريات النقدية في الخطاب العربي المعاصر
لقد شكلت نظرية الاستقبال محاولة لدراسة النص الأدبي من خلال منظومة متكاملة ، تعنى بالعملية الإبداعية في أطرافها الثلاة : المبدع ، النص ، القارئ . وقد وصلت هذه النظرية إلى النقد العربي الحديث والمعاصر ؛ شأنها في ذلك شأن النظريات النقدية والمفاهيم المعرفية الأخرى . وقد ذهب بعض النقاد العرب إلى أن النقل الحرفي لنظرية التلقي قد لا يكون عام الفائدة ، لأنه يلغي بعض الظواهر الثقافية الهامة في مجتمع من المجتمعات .
كانت جملة من المحاولات العامة ، التي استقبل فيها النقاد العرب جمالية " القيمة الجمالية " في النقد الجديد ، انصبت على النواحي البلاغية وعلى الشكل وتحليله ، وعلى بعض الجوانب الإنسانية ، ولم يتخلص المنهج بعد من النظرة السياقية . ونتج عن تلك المحاولات ، أنه ترتبت عليها معالم منهجية واضحة . وهكذا تجلت القيمة الجمالية والنقد الجديد في الرؤية والمنهج ، وتمثلها النقاد العرب . كما أخذت تبرز بشكل أوضح في المعالم النقدية الموالية عبر تطور النقد العربي المعاصر .

الترجمة النقدية التأويلية الكتب المقدسة
الترجمة ليست مجرد تعامل سطحي مع التراكيب والمفردات ، وإنما هي توغل في المعاني واستقراء للرموز والصور . هي عملية لغوية متعددة ، فيها اللغة ، وفي اللغة آثار البيئة والثقافة ، وفي البيئة يتحكم الإنسان وتؤثر عليه ، والإنسان يتأثر بالثقافة سواء كانت أصيلة أو دخيلة . ولا بد أن والحالة هذه أن تطبع الترجمة بطابع خاص ومميز ، يختلف من هذه اللغة إلى تلك ، ومن هذه الثقافة إلى تلك .
ولا يشك أحد في أن الترجمة ظاهرة رافقت الإنسان منذ القديم ، فهي وسيلة من وسائل الالتقاء الحضاري بين الشعوب ، تعكس بشكل واضح ثقافة أمة معينة ، وتبرز آثارها وعبقريتها . إنها نشاط ثقافي إنساني لا غنى عنه ، قناة رئيسية للتبادل بين الشعوب . وتكاد تكون مهنة الترجمة قديمة قدم المجتمع البشري ، وتعدد أممه ولغاته ، فقد مارستها مختلف الحضارات الإنسانية ، وأفسحت لها مجالا واسعا في حركتها الحضارية ، وكانت إحدى الأسس التي استندت إليها منظومتها المعرفية ، وتطوير ثقافتها الذاتية ، وإليها يرجع الفضل في مد جسور الحوار بين الشعوب ، وفتح مجالات التلاقح بين الحضارات المختلفة ، فكانت بذلك القناة الفعالة التي تدفقت منها المعارف الإنسانية ، لتنتقل بين بني البشر وتتراكم ، فيستفيد اللاحق من السابق ، إلى أن ارتقى العقل البشري إلى المكانة التي انتهى إليها اليوم .
التشكيلات النقابية للسادة الاشراف الهاشميين

القلم الاسبوعي
صورة الجزائر في عيون الرحالة وكتابات الغربيين

المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.